للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وذلك أن الإنسان حيثما نَظَرَ رأى السماء، والأرض قُدّامَهُ وخَلْفَهُ، عن يمينه وعن شِماله.

والمعنى: أنهم حيث كانوا فإن أرْضِي وسَمائِي مُحِيطةٌ بهم، لا يَخْرُجُونَ من أقطارها، وأنا القادرُ عليهم لا يعجزونني، إن شئت خسفتُ بهم أرْضِي، وإن شئتُ أسقطتُ عليهم كِسْفًا، أي: قِطْعةً من سمائي، وهو قوله: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} شرط وجزاء.

قرأ العامة بالنون فِي ثلاثتها، وقرأ الأعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ وخلَف كُلَّها بالياءِ (١)، وهو اختيار أبِي عبيدٍ، قال: لذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قبله، وأدغم الكسائي وحده الفاءَ فِي الباء من قوله: "يَخْسِفْ بِهِمُ" (٢).

قال أبو عليٍّ الفارسي (٣): وذلك غير جائزٍ؛ لأن الفاء من باطن الشفة السفلى وأطرافِ الثنايا العليا، وانحدر الصوت به إلى الفم، حتى اتصلت بمخرج الثاء؛ ولهذا جاز إبدال الثاء بالفاء في نحو الجَدَثِ والجَدَفِ، وهو القَبْرُ، للمقاربة بينهما، فلم يجز إدغامه في الباء، كما لا يجوز إدغام الباء فيه؛ لزيادة صوت الفاء على صوت الباء.

وقرأ حفص: "كِسَفًا" (٤) بفتح السين {إِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ أي: فيما ترون من


(١) قرأ بالياء في ثلاثتها أيضًا: ابنُ وَثّابٍ وعيسى بنُ عُمَرَ وطلحةُ بنُ مُصَرِّفٍ، ينظر: السبعة ص ٥٢٧، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٠٢، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٤، البحر المحيط ٧/ ٢٥١، الإتحاف ٢/ ٣٨٢.
(٢) ينظر: السبعة ص ٥٢٧، الإتحاف ٢/ ٣٨٢.
(٣) الحجة للقراء السبعة ٣/ ٢٨٩ - ٢٩٠ باختلاف في ألفاظه.
(٤) قرأ حفصٌ وأبو عبد الرحمن السلميُّ: "كِسَفًا" بفتح السين، وقرأ الباقون بإسكانها، ينظر: تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٤، الإتحاف ٢/ ٣٨٢، وانظر الآية ٤٨ من سورة الروم ٢/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>