للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء والأرض {لَآيَةً} تدل على قدرة اللَّه تعالى على البعث، وعلى ما يشاء من الخسف بهم {لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩)} تائبٍ على ربه راجعٍ إليه بقلبه.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} يعني النُّبُوّةَ والزَّبُورَ والصوتَ الحَسَنَ، وما أُعْطِيَ من المُلْكِ في الدنيا، وما سُخِّرَ له من الجبال والطير والحديد، ثم بيَنَ ما أعطاه، فقال: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} مجازه: وقلنا: يا جبال أوِّبِي معه (١)؛ أي: سَبِّحِي معه إذا سَبَّحَ، وقال بعضهم (٢): هو التفعيل من الإيابِ، أي: رَجِّعِي معه التسبيحَ، وقيل: سِيرِي معه كيف شاء، قال القتيبي (٣): وأصله من التأويب فِي السير، وهو أن تسير النهارَ كُلَّهُ، وتَنْزِلَ ليلًا، قال ابن مقبلٍ:

١٤٦ - لَحِقْنا بِحَيٍّ أوَّبُوا السَّيْرَ بَعْدَما... دَفَعْنا شُعاعَ الشَّمْسِ والطَّرْفُ يَجْنَحُ (٤)

كأنه أراد: أوِّبِي النهارَ كُلَّهُ بالتسبيح معه، وقيل (٥): {أَوِّبِي مَعَهُ}: نُوحِي معه، والطيرُ تساعدك على ذلك.


(١) أي أنه مقول لقول محذوف، قال أبو عبيدة: "مَجازُهُ مَجازُ المُخْتَصَرِ الذي فيه ضمير: وقلنا: يا جبال أوِّبِي معه". مجاز القرآن ٢/ ١٤٢، وينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٣.
(٢) هذا قول الحسن وقتادة وأبِي عبيد. ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٧١، الكشاف ٣/ ٢٨١، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٥.
(٣) تفسير غريب القرآن ص ٣٥٣.
(٤) البيت من الطويل لابن مقبل، ونُسِبَ للراعي النميري، وهو فِي ديوانه، وروايته فِي ديوانِهِما: "والطرفُ مُجْنَحُ".
اللغة: دَفَعْنا شعاعَ الشمسِ: عن أعيننا بالراح؛ لنتمكن من النظر إليها، مُجْنَحُ: مُمالٌ إلى الشمس ينظر متى تغيب.
التخريج: ديوان ابن مقبل ص ٢٥١، ديوان الراعي ص ٣٩، عين المعانِي ورقة ١٠٦/ أ، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٥، البحر المحيط ٧/ ٢٥٢، روح المعانِي ٢٢/ ١١٣.
(٥) قاله وهب بن منبه، ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٧١، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>