للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل (١): كان داود عليه السّلام إذا نادى بالنياحة أجابته الجبال بِصَداها، وعَكَفَت الطيرُ عليه من فوقه، فَصَدَى الجبالِ الذي يسمعه الناسُ من ذلك اليوم.

وقرأ الحسنُ وجماعةٌ: "أُوبِي مَعَهُ" (٢)؛ أي: سِيرِي وارْجِعِي معه، والأوّابُ: العابد الراجع إلى العبادة، وأصله الرجوع، والمُسَبِّحُ: المُطِيعُ، وكان داودُ عليه السّلام إذا وَجَدَ فَتْرةً أمَرَ الجبالَ، فَسَبَّحَتْ حتى يَشْتاقَ (٣).

قوله: {وَالطَّيْرَ} قرأه العامةُ بالنصب، وله وجهان: أحدهما: بإضمار فعلٍ، تقديره: وسَخَّرْنا له الطيرَ، كقوله: أطعمتُهُ طَعامًا وماءً، تريد: وسقيته ماءً (٤)، والثاني: على النداء عطفًا على موضع الجبال (٥)؛ لأن كلَّ منادًى في موضع نصبٍ، ويحتمل أن يكون نصبه على أنهما نداءان، أحدهما ليست فيه الألف واللام (٦)، فإذا عطفت اسمًا منادًى فيه الألف واللام على اسمٍ ليس فيه


(١) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٧١، زاد المسير ٥/ ٣٧٣، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٥.
(٢) هذه قراءة ابن عباس والحسن وقتادة وابن أبِي إسحاق، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٢، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٦٥، البحر المحيط ٧/ ٢٥٢، الإتحاف ٢/ ٣٨٢.
(٣) ينظر: زاد المسير ٥/ ٣٧٣، تفسير القرطبي ١١/ ٣١٩، الدر المنثور ٤/ ٣٢٦.
(٤) هذا قول أبِي عمرو بن العلاء، حكاه عنه أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٤٣، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٣، إعراب القرآن ٣/ ٣٣٤، معانِي القراءات ٢/ ٢٨٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٠٤.
(٥) هذا قول الخليل وسيبويه، ينظر: الكتاب ٢/ ١٨٦، وحكاه الزجاجي عن أبِي عمرو في الجمل ص ١٥١، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٤٣، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٣٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٠٣، ٢٠٤.
(٦) يعني على نية تكرير حرف النداء، وهذا قول الفراء في معانِي القرآن ١/ ١٢١، ٢/ ٣٥٥، وقاله صاحب الجمل المنسوب للخليل ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>