للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تجري فيه النجوم مستديرٌ كاستدارة الطاحونة، ويقال: الفَلَكُ: الطريق، وقال النضر بن شُمَيْلٍ (١): الفَلَكُ من الأرض: ما استدار وأشْرَفَ على ما حوله، وقال الكلبي (٢): الفَلَكُ: استدارة السماء، وكل شيءٍ استدار فهو فَلَكٌ، والفَلَكُ فِي كلام العرب: كلُّ شيءٍ مستديرٌ، وهو مشتق من فَلْكةِ المِغْزَلِ، قاله الحسن، وجمعه أفْلاكٌ، ومنه فَلْكةٌ المِغْزَلِ، وتَفَلَّكَ ثَدْيُ الجاريةِ: إذا استدار.

قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ}؛ أي: علامةٌ لأهل مكة على قدرتنا {أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١)} قرأ أهل الحجاز: "ذُرِّيّاتِهِمْ" بالألِف على الجمع، وقرأ أهل البصرة: "ذُرِّيَّتَهُمْ" (٣) بغير ألِفٍ على التوحيد، وأراد بالذريّة هاهنا آباءهم وأجدادهم الذين هؤلاء من نسلهم (٤)، والذريّة تقع على الآباء كما تقع على الأولاد، وعنى بالفُلك (٥) سفينة نوحٍ عليه السّلام، والمشحون: المملوء، {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢)} يعني السفن التي عُمِلَتْ بعد سفينة نوحٍ مِثْلَها وعلى هيئتها وصورتها، ومحل {مَا} نصبٌ بوقوع "خَلَقْنا" عليه.

ثم ذكر أنه بفضله يحفظهم، ولو شاء أغرقهم، فلم يُغِثْهُمْ أحَدٌ، ولَمْ ينقذهم من الغرق، وذلك قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ} يعني: في البحر، {فَلَا صَرِيخَ


(١) قال النضر بن شميل: "الفلكة: أصاغر الإكام، وإنما فلكها اجتماع رأسها كأنها فلكة مغزل لا تنبت شيئًا". ينظر: تهذيب اللغة ١٠/ ٢٥٥.
(٢) ينظر قوله في تهذيب اللغة للأزهري ١٠/ ٢٥٤.
(٣) ينظر: السبعة ص ٥٤٠ - ٤٥١، البحر المحيط ٧/ ٣٢٣، النشر ٢/ ٢٧٣، الإتحاف ٢/ ٤٠١.
(٤) قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٧٩، معانِي القرآن للنحاس ٥/ ٤٩٨، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٩٦.
(٥) في الأصل: "وعنى بالأولاد"، وهو سهو من الناسخ فيما يبدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>