للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ}؛ أي: لا مُغِيثَ لهم من عذابنا، والصريخ هاهنا بمعنى المُصْرِخِ، وأصل الصُّراخِ: الاستغاثة {وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣)} يُنْجُونَ مما يُرادُ بهم من الغرق، يقال: أنقذه واستنقذه: إذا خَلُّصَهُ من مكروهٍ، قال ابن عبّاسٍ: ولا أحد ينقذهم من عذابِي {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا} يعني: إلا نِعْمةً مِنّا عليهم، فهي التي تنجيهم {وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤) أي: يعيشون بآجالهم فِي الدنيا إلى حين الموت، وذلك أن الكافر مَتَّعَهُ اللَّه في الدنيا، وَرَزَقَهُ فيها، فإذا ركب السفينة سَلَّمَهُ حتى يموت بأجله، ونصب {رَحْمَةً} على حذف حرف الجر أي: إلا برحمةٍ أو لرحمةٍ (١)، وقال الكسائي (٢): هو نصبٌ على الاستثناء، وقال الزجّاج (٣): هو مفعولٌ من أجله، {وَمَتَاعًا} مثله معطوف عليه.

قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ} يعني: لِهؤلاء الكفار {اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} يريد: من أمر الآخرة، واعملوا لها {وَمَا خَلْفَكُمْ} من أمر الدنيا، فاحذروها ولا تَغْتَرُّوا بها وما فيها من زهرتها وزُخْرُفِها {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥)} لكي تكونوا على رجاء الرحمة من اللَّه، وجواب "إذا" محذوفٌ، تقديره: وإذا قيل لهم هذا أعْرَضُوا (٤)، دليله ما بعده، وهو قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ}؛ أي: من عِبْرةٍ ودلالةٍ تدل على قدرتنا وصِدْقِ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦)}.


(١) هذا قول مكي بن أبِي طالب، قاله في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٨.
(٢) ينظر قوله في إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٩٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٨، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٥.
(٣) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨٩.
(٤) قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٧٩، معانِي القرآن للنحاس ٥/ ٥٠٠، وينظر أيضًا: عين المعانِي ورقة ١١٠/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>