للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ أهل المدينة والشام والبصرة ألا أبا عمرٍو: "لِتُنْذِرَ" بالتاء هاهنا وفي الأحقاف (١)، وقرأ الباقون بالياء، {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ}؛ أي: وتَجِبَ الحُجّةُ بالقرآن {عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)}.

ثم ذَكَّرَهُمْ قُدْرَتَهُ، فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} أي: مما أمَرْنا به وتَوَلَّيْنا خَلْقَهُ بإبداعنا وإنشائنا من غَيْرِ واسطةٍ ولا وكالةٍ ولا شركةٍ {أَنْعَامًا} يريد: من الإبل والبقر والغنم {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١)} ضابطون قاهرون.

وقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ} إن جعلت "ما" بمعنى "الَّذِي" حذفت الهاء لطول الاسم، وإن جعلت "ما" مصدرًا لَمْ تحتج إلى إضمار الهاء في {عَمِلَتْ}، وواحد الأنعام نَعَمٌ والنَّعَمُ يُذكَّر ويُؤنَّث (٢).

والمعنى: إنّا لَمْ نخلق الأنعام وحشيةً نافرةً من بني آدم لا يقدرون على ضبطها، بل هي مسخَّرةٌ مذلَّلةٌ لهم، وهو قوله: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ}؛ أي: سخَّرنا لهم الأنعام {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} قرأه العامة بفتح الرّاء؛ أي: مركوبهم، كما يقال: ناقةٌ


(١) يعني قوله، تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: ١٢]، فقد قرأ بالتاء نافعٌ وابنُ عامر وأبو جعفر ويعقوبُ وسهلٌ، وقرأ الباقون بالياء، ينظر: السبعة ص ٥٤٤، البحر المحيط ٧/ ٣٣١، النشر ٢/ ٣٥٥، الإتحاف ٢/ ٤٠٤.
(٢) من أول قوله: "إن جعلت "ما" بمعنى "الذي" قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن ٣/ ٤٠٦. وأما النَّعَمُ فقد ذكر الفراء أنه مذكر فقال: "والنعم: ذكر، يقال: هذا نَعَمٌ وارِدٌ". المذكر والمؤنث ص ٧٩، وكذلك قال غيره من العلماء، المذكر والمؤنث لأبِي حاتم ص ١٩٦، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٤٦٤؛ ٤٦٧، المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٥٧، ١٠٧، المذكر والمؤنث لابن فارس ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>