للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك المَجالِسِ التي يَسْتَرِقُونَ فيها السمعَ، وهو منصوبٌ على المصدر (١).

قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) أي: دائم مُوجِعٌ، {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} يعني الكلمة أخذها مُسارَقةً، ومحل {مَنْ} نصبٌ على الاستثناء، ويحتمل أن يكون رفعًا على الابتداء (٢)، تقديره: ولكن مَنْ خَطِفَ الخطفة، والاختطاف: الاسْتِلابُ وأخْذُ الشيء بسرعةٍ، وقال ابن عبّاسٍ: معناه: إلا من وثب الوثبة، {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)} لَحِقَهُ نَجْمٌ مضيءٌ يحرقه، وثُقُوبُهُ: ضَوْؤُهُ، يقال: أثْقِبْ نارَكَ؛ أي: أضِئْها.

قوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ} يعني: سَلْ أهلَ مكة يا محمد {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} يعني: مِن السماوات والأرض والجبال، هي أشد خلقًا وأعظم منهم، نظيرها قوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (٣)، وقوله: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} (٤)، وقيل: معناه: أم مَنْ خلقنا مِنْ قبلهم من الأمم الخالية، وقد أهلكناهم بتكذيب الرسل، فما الذي يُؤَمِّنُ هؤلاء من العذاب.


(١) "دُحُورًا" مصدر إما من معنى "يُقْذَفُونَ"، وإما من فعل محذوف معطوف على "يُقْذَفُونَ"، أي: ويُدْحَرُونَ دُحُورًا، ويجوز أن يكون مفعولًا من أجله، أي: ويقذفون من كل جانب للدحور، ويجوز أن يكون مصدرًا في موضع الحال من الضمير في "يُقْذَفُونَ"، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٨٨، الفريد للهمداني ٤/ ١٢٦، البحر المحيط ٧/ ٣٣٨، الدر المصون ٥/ ٤٩٦.
(٢) ويكون الخبر قولَه: "فَأتْبَعَهُ"، وهذا إذا كان الاستثناء منقطعًا، ويجوز أن تكون "مَنْ" فِي موضع رفع بدلًا من الضمير في "يسمعون"، أي لا يسمع الشيطانُ إلا الشيطانُ الذي خطف، ينظر: الفريد للهمداني ٤/ ١٢٧، البحر المحيط ٧/ ٣٣٩، الدر المصون ٥/ ٤٩٦.
(٣) غافر ٥٧.
(٤) النازعات ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>