للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما بعد هذا ظاهر الإعراب إلى قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} يعني الموحدين، استثناهم من المُجْرمِينَ، وقيل: هو نصب على الاستثناء من قوله: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨)}.

ثم قال: {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١)} يعني: على مقدار غَدْوةٍ وعَشِيّةٍ، ثم بَيَّنَ الرزق، ققال: {فَوَاكِهُ} رفعٌ على البدل من {رِزْقٌ} وهي جمع فاكهةٍ، وهو كل طعامٍ يؤكل للتلذذ لا للقُوتِ الذي يَحْفَظُ الرَّمَقَ والصحة.

قوله: {وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢)} يعني: بثواب اللَّه {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلَى سُرُرٍ} جمع سريرٍ {مُتَقَابِلِينَ (٤٤)}، لا يَرَى بعضُهُمْ قَفا بعضٍ، بل ينظر بعضهم إلى بعضٍ، ويُحَدِّثُ بعضُهم بعضًا، وكل واحدٍ يفهم حديث صاحبه وإنْ بَعُدَ، وهو منصوبٌ على الحال.

قوله: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥)} من خمرٍ جارية {بَيْضَاءَ} صافيةٍ، ومحلها خفضٌ على البدل من {مَعِينٍ}، وقيل: على النعت لـ "كَأْسٍ". والمَعين هو الطاهر الجاري (١)، وفِي قراءة عبد اللَّه: "صَفْراءَ لَذّةٍ لِلشّارِبِينَ" (٢)؛ أي: لذيذةٍ، يقال: شرابٌ لَذٌّ ولَذِيذٌ {لِلشَّارِبِينَ (٤٦)} ولا يكون الكأسُ كأسًا حتى يكون فيه شرابٌ، وإلا فهو إناءٌ (٣)، قال الأخفش (٤): كل كأسٍ في القرآن فهو خمرٌ.


(١) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٦٩.
(٢) هذه قراءة ابن مسعود والحسن والضحاك، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٨، البحر المحيط ٧/ ٣٤٤.
(٣) هذا قول أبِي عبيدة والزجاج، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ١٦٩، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٠٣، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٤١٩، تهذيب اللغة ١٠/ ٣١٤.
(٤) ينظر قوله في الكشاف للزمخشري ٣/ ٣٤٠، مجمع البيان ٨/ ٣٠٤، البحر المحيط ٧/ ٣٤٤، وكان الواجب أن يقول: "ولا تكون الكأس كأسًا حتى يكون فيها شراب، وإلا فهي =

<<  <  ج: ص:  >  >>