للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) أي: حابساتُ الأعْيُنِ، غاضّاتُ الجُفُونِ، قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عن غَيْرِ أزواجهن، فلا ينظرن إلَّا إلَى أزواجهن، ولا يبغين بهم بدلًا، والقَصْرُ معناه الحبس، و {عِينٌ}: نُجْلُ العُيُونِ حِسانُها، واحدتها: عَيْناءُ، يقال: رَجُلٌ أعْيَنُ وامرأة عَيْناءُ ورجالٌ ونساءٌ عِينٌ.

{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ} جمع بيضة {مَكْنُونٌ (٤٩) أي: مستور مَصُونٌ، شَبَّهَهُنَّ ببَيْضِ النَّعامِ تُكِنُّها بالرِّيشِ من الريح والغبار، فلونها أبيض فِي صُفْرةٍ، وهذا أحسن ألوان النساء، وهو أن تكون المرأة بيضاء مُشْرَبةً بصُفْرةٍ، قال المبرد (١): والعرب تشبه المرأة الناعمة في بياضِها وحسنِ لَوْنها بِبَيْضةِ النَّعامةِ. وإنما ذَكَّرَ المكنونَ، والبَيْضُ جمع؛ لأنه رَدَّهُ إلى اللفظ.

قوله تعالى: {أَذَلِكَ} ابتداءٌ، يعني النعيم {خَيْرٌ} خبر {نُزُلًا} للمؤمن {أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢)} للكافر، استفهام توبيخٍ وإنكارٍ، ومحلُّه رفع عطف على {أَذَلِكَ}، والزَّقُّومُ: ثَمَرةُ شجرةٍ كريهةِ الطَّعْمِ جِدًّا، مُرّةٌ مُنْتِنةُ الرِّيحِ، قَبِيحةٌ خَبِيثةٌ، مأخوذٌ من قولهم: تَزَقَّمَ هذا الطعامَ أي: تَناوَلَهُ على كُرْهٍ ومَشَقةٍ شديدةٍ، ونصب {نُزُلًا} على البيان.

قوله تعالى في قصة نوح عليه السّلام: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)}؛ لأن الناس كُلَّهُمْ مِنْ وَلَدِ نُوحٍ عليه السّلام، وهم ثلاثةُ أولادٍ لنوحٍ: سامٌ وحامٌ ويافِثُ، فالعرب كلها يَمَنِيُّها ونِزارِيُّها، والرومُ والفُرْسُ من ولد سامٍ، والسودان


(١) قال المبرد: "والعرب تُشَبِّهُ المرأةَ بالشمس والقِدْرِ والغُصْنِ والكَثِيبِ والغَزالِ والبقرة الوحشية والسحابة البيضاء والدُّرّةِ والبَيْضةِ، وإنما تقصد من كل شيء إلى شيء". الكامل في اللغة والأدب ٣/ ٥٤، فالنص مختلف، وأما النص الوارد هنا فهو في الوسيط للواحدي ٣/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>