للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يومئذٍ ابنَ ثلاثَ عَشْرةَ سنةً، {قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} يريد: من الرَّأْيِ فيما ألْقَيْتُ إليكَ، وما الذي تذهب إليه؟ هل تستسلم وتنقاد أو تَأْبَى ذلك؟.

ومحل {مَاذَا} نصب بـ {تَرَى} لا بـ "انْظُرْ"؛ لأنه استفهامٌ فلا يعمل فيه ما قبله، وقرأ حمزة: "تُرِي" (١) بضم التاء وكسر الراء، ومعناه: ما تُشِيرُ؟ قال الفراء (٢): ماذا تُرِينِي من صبرك أو جزعك؟ {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}؛ أي: ما أُوحِيَ إليك من ذَبْحِي {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)} على بلائه.

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} يعني إبراهيم وابنه الذبيح؛ أي: انقادا وخضعا لأمر اللَّه تعالى، وَرَضِيا به، قال قتادة: سَلَّمَ هذا ابنَهُ، وهذا نَفْسَهُ، وقرأ ابن مسعود: "سَلَّما" (٣)؛ أي: فَوَّضا {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) أي: صَرَعَهُ وأضْحَعَهُ، وكَبَّهُ على وجهه للذبح، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما (٤) {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} فِي ذبح ابنك، قال أهل المعانِي (٥): الواو مُقْحَمةٌ صِلةٌ،


(١) قرأ ابن مسعود وحمزة والكسائي وخلف والأعمش وطلحة والأسود بن يزيد وابن وثاب ومجاهد: "تُرِي" بضم التاء وكسر الراء، ينظر: السبعة ص ٥٤٨، البحر المحيط ٧/ ٣٥٥، النشر ٢/ ٣٥٧، الإتحاف ٢/ ٤١٣.
(٢) معانِي القرآن ٢/ ٣٩٠.
(٣) وبها قرأ أيضًا عَلِيٌّ وابنُ عباس ومجاهدٌ والضحاكُ والأعمشُ والثوريُّ وجعفرُ بنُ محمدٍ والحسنُ والمُطَّوِّعِيُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٩، المحتسب ٢/ ٢٢٢، تفسير القرطبي ١٥/ ١٠٤، البحر المحيط ٧/ ٣٥٥، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٤١٣.
(٤) قاله أبو عبيدة وابن قتيبة والنحاس، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ١٧١، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٧٣، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٥١.
(٥) قاله الفراء في المعاني ١/ ٢٣٨، ٢/ ٢١١، ٣٩٠، وهذا القول حكاه النحاس عن الكوفيين، وأما البصريون فالجواب عندهم محذوف لدلالة الكلام عليه، والتقدير: فَلَمّا أسْلَما سَعِدا =

<<  <  ج: ص:  >  >>