للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا} محل {كَمْ} نصب بـ {أَهْلَكْنَا}، {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا} يعني: بالإيمان والاستغاثة عند نزول العقوبة وحلول النقمة بهم، {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (٣)}، وليس بوقتِ فِرارٍ ولا وَزَرٍ ولا مَنْجاةٍ ولا فَوْتٍ، يقال: ناصَهُ الشَّيْءُ: إذا فاتَهُ، والنَّوْصُ بالنون: التَّأخُّرُ، والبَوْصُ بالباء: التَّقَدُّمُ، قاله الفراء (١)، وقد جمعهما امرؤ القيس في بيت، فقال:

١٨٦ - أمِنْ ذِكْرِ لَيْلَى إذْ نَأتْكَ تَنُوصُ؟ ... فَتَقْصُرُ عَنْها خُطْوةً فَتَبُوصُ (٢)

و {وَلَاتَ} مهو بمعنى "لَيْسَ" بلغة أهل اليمن (٣)، والمَناصُ مصدر: ناصَ يَنُوصُ، يقال: ناصَ يَنُوصُ نَوْصًا ومَناصًا، وهو المنجاة (٤)، و {مَنَاصٍ} مَفْعَلٌ من: ناصَ مثل مَقامٍ.

وتكلم النحويون في "لاتَ"، فقالوا: هي "لا" زيدت فيها التاء، كما قالوا: ثُمَّ وثُمَّتْ ورُبَّ ورُبَّتْ (٥)، وأصلها هاء وُصِلَتْ بـ "لا"، فقالوا: لاهَ لغير


(١) معانِي القرآن ٢/ ٣٩٧.
(٢) البيت من الطويل، ويُرْوَى: "أمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى".
التخريج: ديوانه ص ١٧٧، معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٩٧، غريب القرآن لابن قتيبة ٣٧٦، الأضداد لابن الأنباري ص ١٠٥، إيضاح الوقف والابتداء ص ٢٩٠، الكشف والبيان ٨/ ١٧٨، ذكر الفرق بين الأحرف الخمسة لابن السيد ص ٣١٧، عين المعانِي ورقة ١١٣/ أ، تفسير القرطبي ١٥/ ١٤٦، التذكرة الحمدونية ٧/ ٢٨١، رصف المبانِي ص ٤٣٥، اللسان: بوص، قصر، نوص، البحر المحيط ٧/ ٣٦٥.
(٣) ينظر في هذا: الوسيط للواحدي ٣/ ٥٣٨، زاد المسير ٧/ ١٠٥، بينما ذكر سيبويه أنها بمعنى "ليس" في لغة أهل الحجاز، ينظر: الكتاب ١/ ٥٧.
(٤) في الأصل: "المجاز".
(٥) هذا قول جمهور النحويين، وفيها أقوال أخرى، منها: أن "لات" فعل ماض، ومنها: أن أصلها "ليس"، فأبدلت سينُها تاءً وياؤها ألفًا، ومنها: أنها كلمة وبعض كلمة؛ وذلك لأنها =

<<  <  ج: ص:  >  >>