للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كُلُّهُمْ} للإحاطة، ودخلت {أَجْمَعُونَ} لسرعة الطاعة، وهذا يدل على أن السجود كان منهم كُلِّهِمْ فِي وقتٍ واحدٍ (١).

ثم استثنى إبليسَ من الملائكة، فقال: {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤)} قيل: كان اسمه الحارث، فَسُمِّيَ إبْلِيسَ حين عصى وتَأبَّى عن السجود لآدم، فَأبْلَسَ من الخير.

قوله: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) أي: من الظالمين المتكبرين عن السجود، واليَدانِ صفتان من صفات ذاته بلا كَيْفٍ ولا تشبيه (٢)، قال الشاعر:

٢٠٣ - تَحَمَّلْتُ مِنْ عَفْراءَ ما لَيْسَ لِي بِهِ... وَلا لِلْجِبالِ الرّاسِياتِ يَدانِ (٣)

والألِفُ في {أَسْتَكْبَرْتَ} ألِفُ استفهامٍ، دخلتْ على ألِفِ الخَبَرِ، وهو استفهامُ توبيخٍ وإنكارٍ.


(١) قال الزَّجّاجُ: "قال سيبويه والخليل: "أجْمَعُونَ" توكيد بعد توكيد، وقال محمد بن يزيد: "أجْمَعُونَ" يدل على اجتماعهم في السجود. المعنى: فسجدوا كُلُّهُم في حال واحدة". معاني القرآن وإعرابه ٣/ ١٧٩، وقال طاهر بن أحمد: "فأما المسألة التي ذكرها أبو القاسم في آخر الباب في قوله عز وجلّ: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [ص: ٧٣]، فالفائدة في ذِكْرِ تأكيدَيْنِ عند شيخهم، وهو الزجاج، أن "كلهم" دَلَّ على الإحاطة، و"أجمعين" دَلَّ على معنى الاجتماع وأن السجود منهم كلهم كان في حالٍ واحدٍ". شرح جمل الزجاجي لطاهر ابن أحمد ١/ ٥٦.
(٢) قاله السجاوندي في عين المعانِي ورقة ١١٤/ أ، وينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٢٢٨.
(٣) البيت من الطويل، لعُرْوةَ بن حِزامٍ العُذْرِيِّ، وقد جاء في الأصل هكذا: "تحملت من دلها"، وعليها ينكسر وزن البيت، وعفراءُ هذه كانت ابنةَ عَمِّهِ، وكان يحبها.
التخريج: ديوانه ص ٣٩، جمهرة الأمثال ١/ ١٧٤، عين المعانِي ورقة ١١٤/ أ، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٢٨، شرح شواهد المغني ص ٤١٤، خزانة الأدب ٣/ ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>