للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} يعني شركاء، {ذَلِكَ} يعني الذي خلق الأرض فِي يومين هو {رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) أي: سَيِّدُهُمْ ومالكهم، والقائمُ بأمورهم أجمعين.

قوله: {وَجَعَلَ فِيهَا} يعني: فِي الأرض {رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} يعني الجبال، جعلها أوتادًا للأرض لِئَلَّا يَزُولَ مَنْ عليها {وَبَارَكَ فِيهَا} يعني: بالثمارِ والزروعِ والأشجارِ والنباتِ والحبوبِ والأنهارِ وغَيْرِ ذلك مما لا تدركه الأبصارُ.

ثم قال: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} جمع قُوتٍ، يعني: قَدَّرَ فيها أرزاق أهلها ومعايشهم، وقسم أرزاق العياد والبهائم، وخَلَقَ فيها بحارَها وأنْهارَها ودَوابَّها وأشْجارَها وثمارَها {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} يعني: فِي تَمامِ أَربعة أيامٍ، كقولك: سِرْنا من البصرة إلى واسِطٍ (١) فِي خمسة أيامٍ، ثم إلى بَغْدادَ فِي عشرة أيامٍ، أي: تَتِمّةِ عشرة أيامٍ، لا أنّ الكُلَّ خَمْسةَ عَشَرَ يومًا (٢)، وذلك لأنه تعالى خلق الأرض في يومين: الأحدِ والاثنينِ، وقَدَّرَ فيها أقْواتَها في يوم الثلاثاء والأربعاء، وهما مع الأحد والاثنين أربعةٌ.

ورُوِيَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "خلق اللَّه تعالى الأرضَ يوم السبت،


(١) واسِطٌ: مكان بين البصرة والكوفة بناه الحجاج، والأكثر فيه الصرف، قال سيبويه: "وأما واسطٌ فالتذكير والصرف أكثر، وإنما سُمِّيَ واسِطًا لأنه مكان وَسَطَ البَصْرةَ والكُوفةَ، فلو أرادوا التأنيث قالوا: واسِطةُ، ومن العرب من يجعلها اسم أرض فلا يصرف". الكتاب ٣/ ٢٤٣، وينظر: معجم البلدان ٥/ ٣٤٧، معجم ما استعجم ص ١٣٦٣.
(٢) قال الأخفش: "وأما قوله: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩]، ثم قال: "أرْبَعةِ أيّامٍ" فإنما يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام، كما تقول: تزوجتُ أمْسِ امرأةً، واليومَ ثِنْتَيْنِ، وإحداهما التي تزوجتها أمسِ". معانِي القرآن ص ٤٦٤ - ٤٦٥، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ٢٨٧، عين المعانِي ورقة ١١٧/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>