للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: هَلّا حُلِّيَ بأسْوِرةِ الذَّهَبِ إن كان عظيمًا، وكان الرجل فيهم إذا كان سَيِّدًا تَجِبُ طاعتُه سَوَّرُوهُ بِسِوارٍ من ذهب، أو طَوَّقُوهُ بِطَوْقٍ من ذهب؛ لِيكون ذلك دلالة لسيادته، وعلامةً لرياسته، فقال فرعون: هَلَّا سُوِّرَ؛ أي: حُلِّيَ، يعني: موسى، بأسورةِ الذهبِ إن كان عظيمًا {أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣)}؛ يعني متتابعين معاونين، يُقارِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يمشون معه شاهدين له، يُعِينُونَهُ على الأمر الذي بُعِثَ إليه، وهو منصوب على الحال.

قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا}؛ أي: أغْضَبُونا، والأسَفُ في اللغة: الفَواتُ، واللَّهُ لا يَفُوتُهُ شَيْءٌ من الأشياء، وقيل: آسَفُوا رُسُلَنا {انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)} لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أحَدٌ {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا} قرأ العامة بفتح السين واللّام، وهو جمع سالِفٍ مثل خادِمٍ وخَدَمٍ، وحارِسٍ وحَرَسٍ، وراصِدٍ ورَصَدٍ، يقال: سَلَفَ يَسْلُفُ: إذا تَقَدَّمَ ومَضَى.

قال الفراء (١) والزجاج (٢): جعلناهم متقدمين؛ لِيَتَّعِظَ بهم الآخِرُونَ، وقرأ حمزة والكسائي والأعمش ويحيى: {سَلَفًا} بضم السين واللام كأسَدٍ وأُسُدٍ، ورَغِيفٍ ورُغُفٍ، وهو جمع سَلِيفٍ (٣) من: سَلُفَ -بضم اللام- يَسْلُفُ: إذا تَقَدَّمَ فهو سَلِيفٌ، وقرأ ابن مسعود بضم السين وفتح اللام (٤)، استثقالًا لتوالِي ضمتين


(١) لَمْ أقف عليه في معانِي القرآن للفراء، وإنما حكاه الأزهري عن الفراء في تهذيب اللغة ١٢/ ٤٣١، والواحدي في الوسيط ٤/ ٧٨.
(٢) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤١٦.
(٣) قاله الفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٣٦، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤١٦، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٧٤، وإعراب القرآن له ٤/ ١١٥.
(٤) قرأ بضم السين والفاء أيضًا: الأعرجُ وسعيدُ بن عياض وطلحةُ وخلفٌ، وقرأ ابن مسعود وعليُّ بنُ أبِي طالب وحُمَيْدٌ ومجاهد وعلقمة وأبو وائل النخعيُّ بضم السين وفتح اللام، =

<<  <  ج: ص:  >  >>