اليقظان النسابة (ت ١٩٠ هـ) ومعاصره مؤرج بن عمرو السدوسي (ت/١٩٥ هـ) وهشام بن الكلبي (ت/٢٠٤ هـ) وقد تركزت فعاليات النسابين خلال القرنين الأولين في الكوفة والبصرة لأنهما مركزان نشيطان للقبائل العربية.
ولم يقتصر الاهتمام بالأنساب على النسابين فقط بل امتد ذلك إلى المحدثين أيضا منذ القرون الأولى، فلا نجد محدثا كبيرا إلا وله علم بالنسب، وترجع عنايتهم بالأنساب إلى أهميتها في معرفة رواة الحديث، ولذلك فقد استمر الاهتمام بالأنساب بين المحدثين خلال القرن الثاني الهجري، وعند ما ظهرت المصنفات في رجال الحديث احتوت مادة غزيرة في النسب، وليست مادة النسب هذه دخيلة على علم الرجال، فالأصل في كتب الرجال التعريف بالرواة بذكر أنساب آبائهم وأمهاتهم وصلاته وقرابته وأحوال الشخص ومناقبه وكل ما يعرف به مستقصيا أهم أخباره، فكانت مادة النسب هي الأساس في ترتيب بعض المصنفين لكتب الرجال.
والترتيب على النسب يعني أن يجمع المصنف الرواة الذين هم من عشيرة أو قبيلة واحدة في موضع واحد، ويتبع نسقا معينا في عرض القبائل والعشائر، فيبدأ بمضر ثم قحطان، ولا يقدم قحطان على مضر، وكذلك يبدأ من مضر بقريش ثم بقية قبائل مضر، وهذا التقديم قائم على أساس القرابة من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان أول من اتبع هذا التسلسل عند سرد الأنساب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تدوينه الديوان (١)، ولما ظهرت كتب الأنساب تقيدت بهذا التسلسل، ثم امتد هذا التنظيم إلى كتب الرجال التي نظمت مادتها على النسب، بل امتد أيضا إلى بعض المسانيد الحديثية التي رتبت الشيوخ