للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هشام بن عروة: فثبته الله أحسن الثبات، فقتل شهيدا، وفتحت له الجنة فدخلها.

وكان عبد الله بن رواحة فارسا شاعرا شريفا في الجاهلية والإسلام (١).

كان في الجاهلية يناقض قيس بن الخطيم الظفري، وعبيد بن نافذ العمري، الشاعرين، وفي الإسلام كان هو، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، يناقضون شعراء قريش: ابن الزبعري، وضرار بن الخطاب، وأبا سفيان بن الحارث.

فكان حسّان، وكعب، يعارضونهم بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر ويعيرانهم بالمثالب، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شيء أشد من الكفر، فكانوا قبل الإسلام، أشد شيء عليهم قول حسّان، وكعب، وأهون عليهم قول ابن رواحة، فلما أسلموا وفقهوا في الإسلام، كان أشد شيء عليهم قول ابن رواحة (٢).

ومشى عبد الله بن رواحة إلى أمة له فنالها، وفطنت له إمرأته، فلامته فجحدها، وكانت قد رأت جماعه إياها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فإن الجنب لا يقرأ القرآن؟، فقال:

-شهدت بأن وعد الله حق … وأن النار مثوى الكافرينا

-وأن العرش فوق الماء حق … وفوق العرش رب العالمينا.

فقالت امرأته: صدق الله، وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ‍ القرآن ولا تقرؤه.

قال أبو عمر ابن عبد البر (٣): رويناها-يعني القصة-من وجوه صحاح، وزاد غيره:

-وتحمله ملائكة غلاظ‍ … ملائكة الإله مسومينا (٤)


(١) انظر عن مكانته في الشعراء: طبقات الشعراء للجمحي (ص ٨٩ - ٩١)، وجمهرة أشعار العرب (ج ٢ ص ٦٢٩)، وأضاف في نسبه: (عمرو بن كعب) بين: (ثعلبة بن عمرو) وأسقط‍: (امرئ القيس الأصغر)، والمؤتلف والمختلف للآمدي (ص ١٢٦)، وقدم: (امرئ القيس الأصغر) على: (ثعلبة) وعنده: (مالك بن الأعز).
(٢) بعض هذا الخبر في: تاريخ دمشق لابن عساكر، تراجم حرف العين (ص ٣٢٢)، ونقله من ابن سعد، ولم أجده في أجده في طبقاته ترجمة عبد الله.
(٣) الاستيعاب (ج ٢ ص ٢٨٧)، وللخبر طرق أخرى: تاريخ دمشق، تراجم حرف العين (ص ٣٤٠ - ٣٤٤)، (ص ٣٤٦ - ٣٤٧).
(٤) انظر: شعر الدعوة الإسلامية في عهد النبوة والخلفاء الراشدين، لعبد الله الحامد (ص ١٤٥)، وعنده: (فوق الماء طاف)، وكذلك البيت الأخير:
(وتحمله ملائكة كرام ملائكة الأله مقربينا).

<<  <  ج: ص:  >  >>