للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمونه، فوقف معهم مليا، وهم يقولون: أتيناك لنفاخرك بخطيبنا وشاعرنا، فاستمع منا، فتبسم صلى الله عليه وسلم ثم مضى فصلى بالناس الظهر، ثم انصر-ف إلى بيته، فركع ركعتين ثم خرج فجلس في بعض المسجد فقام الأقرع بن حابس المجاشعي، فقال: والله إن مدحي لزين وإن ذمي لشين، فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك الله» (١)، فقام ثابت، فقطع خطبة الأقرع.

وقيل: قدموا عطارد بن حاجب التميمي، فخطب* [١٤٦/أ] *فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا والذي جعلنا ملوكا وأعطانا الأموال نفعل بها المعروف، وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثرهم مالا وأكثرهم عددا، فمن مثلنا في الناس، ألسنا برؤوس الناس وذوي فضلهم، فمن يفاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول قولي هذا لأن نؤتي بقول هو أفضل من قولنا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: «قم فأجب خطيبهم»، فقام ثابت بن قيس، وما هيأ قبل ذلك ما يقول، فقال: الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى- فيهما أمره، ووسع كل شيء علمه، فلم يكن شيء إلا من قدرته وفضله، ثم كان مما قدر أن جعلنا ملوكا واصطفى لنا من خلقه رسولا أكرمهم نسبا، وأصدقهم حديثا، وأحسنهم رأيا، وأنزل عليه كتابا، وائتمنه على خلقه، وكان خيرته من عباده، فدعا إلى الإيمان، فأجابه من قومه وذوي رحمه المهاجرين؛ أكرم الناس أحسابا، وأصبحهم وجوها، وأحسنهم (٢) أفعالا، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أنصار الله ورسوله.

وفي لفظ‍: ثم كان أول من أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب واستجاب له نحن معاشر الأنصار، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا ويقولوا لا إله إلا الله، فمن آمن بالله ورسوله، منع منا ماله ودمه، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك، وكان قتله علينا يسيرا، أقول قولي هذا واستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، ثم جلس.


(١) مسند أحمد (ج ٣ ص ٤٨٨).
(٢) كتب فوق هذه الكلمة: (وأفضلهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>