للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الحافظ‍ أبو نعيم الأصبهاني: أنه بعثه سنة عشر، بعد حجة الوداع.

وروى ابن سعد: عن يزيد بن هارون، وأبي الوليد الطيالسي عن شعبة بن الحجاج عن أبي عون محمّد بن عبيد الله عن الحارث بن عمرو الثقفي، ابن أخي المغيرة، قال: حدثنا أصحابنا عن معاذ بن جبل، قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال لي:

«بم تقضي إن عرض عليك القضاء»؟، قال، قلت: أقضي بما في كتاب الله، قال: «فإن لم يكن في كتاب الله»؟، قال، قلت: أقضي بما قضى به الرسول، قال: «فإن لم يكن فيما قضى به الرّسول»؟، قال، قلت: أجتهد رأي ولا آلو، قال فضرب صدري، وقال: «الحمد لله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» (١). وروى ابن سعد عن الفضل بن دكين عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن، وبعث إليهم معاذا: «إنّي قد بعثت عليكم من خير أهلي وألي علمهم وألي دينهم» (٢).

وروى القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن معاذ بن جبل، قال: كان آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جعلت رجلي في الغرز (٣): «أن أحسن خلقك مع النّاس» (٤).

وروى بسنده عن بشار بن يسار،* [١٢٧/ب] *قال: لما بعث معاذ إلى اليمن معلما، قال: وكان رجلا أعرج، (٥) فصلى بالناس في اليمن، فبسط‍ رجله، فبسط‍ القوم أرجلهم، فلما صلى، قال: قد أحسنتم، ولكن لا تعودوا، فإني إنما بسطت رجلي في الصلاة لأني أشتكيها.

وروى بسنده عن شقيق، قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا، على اليمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر، وهو عليها، وكان عمر، عامئذ على الحج، فجاء معاذ إلى مكة، ومعه رفيق ووصفاء (٦) على حدة، فقال له عمر: يا أبا عبد الرحمن لمن هؤلاء الوصفاء؟، قال هم لي، قال: أطعني وأرسل بهم إلى أبي بكر؟، قال: فبات ليلته، ثم أصبح، فقال: يا ابن الخطاب، ما أراني إلا مطيعك، إني رأيت الليلة في المنام كأني أجر


(١) سنن أبي داود، ك/الأقضية، ب/اجتهاد الرأي في القضاء (ر/٣٥٩٢).
(٢) في: طبقات ابن سعد (ج ٣ ص ٥٨٥)، (خير أهلي والي علمهم والي دينهم).
(٣) الغرز: أي يريد السفر. النهاية لابن الأثير الجزري (ج ٣ ص ٣٥٩).
(٤) موطأ مالك-رواسة الليثي- (ج ٢ ص ٩٠٢).
(٥) المحبر (ص ٣٠٤).
(٦) الوصيف: العبد، والأمة: وصيفة، انظر: النهاية (ج ٥ ص ١٩١)، ويقال: الوصيف: الخادم غلاما كان أو جارية، انظر: معجم لغة الفقهاء (ص ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>