وثلاثمائة شيخ ونيف وثلاثين شيخا، وهم يمثلون مختلف الدرجات فقد سئل الحافظ الدمياطي، وهل كانوا كلهم أئمة؟ فقال الحافظ الدمياطي:«لو لم أكتب إلا عن العلماء الأئمة ما كتبت عن خمسة»!.
*ظهر أن الحافظ عبد المؤمن الدمياطي صاحب رحلات مشهورة، تنقل فيها بين البلدان العلمية، ليحصّل فيها طلب العلم الشريف، وعلو الإسناد، وقدم السماع، ولقاء الحفاظ، فحصّل من ذلك الكثير، فدخل الإسكندرية مرتين (سنة ٦٣٦ هـ)(وسنة/٦٣٩ هـ)، ودخل القاهرة ثم عاد من رحلاته واستقر بها، ثم رحل إلى الديار المقدسة (سنة ٦٤٣ هـ) فدخل مكة والمدينة، وهو في حدود الثلاثين من عمره تقريبا، ثم رحل إلى البلاد الشامية (سنة ٦٤٥ هـ) فدخل دمشق، ومعرة النعمان، وحماة، وحلب، ثم رحل إلى بلاد الجزيرة والعراق مرتين فدخل الموصل، وماردين، وحران، وسنجار، وبغداد، وهذا يوضح أيضا بعض مراكز النشاط العلمي خلال تلك الفترة.
*أظهرت الدراسة بعض تلاميذ الحافظ عبد المؤمن الدمياطي، وهم من كبار الأئمة والحفاظ في ذلك العصر من أمثال: الحافظ الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) والحافظ المزي (ت ٧٤٢ هـ) والحافظ ابن سيد الناس اليعمري (ت ٧٣٤ هـ) والحافظ أبو محمد البرزالي (ت ٧٣٩ هـ) والحافظ أبو الحسن السبكي (ت ٧٥٦ هـ) والحافظ مغلطاي البكجري (ت ٧٦٢ هـ) والحافظ أبو حيان الأندلسي (ت ٧٤٥) وغيرهم، وقد تأثر بعضهم بمكانته ومنزلته وبخاصة في علم النسب فنجد أحدهم عند ذكر أخبار الصحابة ومن بعدهم يسوق أنسابهم على طريقته حتى يصل بهم إلى البطن أو القبيلة الذي تفرع منها، ومثال ذلك:«سير أعلام النبلاء»، و «تاريخ الإسلام» للذهبي، و «تهذيب الكمال .. » للمزي، و «عيون الأثر» لابن سيد الناس.
*ظهر من خلال دراسة ترجمة الحافظ الدمياطي نموذجا فريدا لأخلاق العلماء في ذلك العصر بالقرن السابع الهجري، ومع امتداد عمره رحمه الله فوق التسعين عاما، نجد أن كل من خالطه أو صاحبه من أقرانه وطلابه لا بد وأن يثني عليه في معاملته وخلقه، وهو حينئذ في أعلى المناصب العلمية بمشيخة دار الحديث والظاهرية، ونجده