الشرط ببغداد وأخذ أقوالهم، ثم بعث الجواب إليه! خاصة من كان من أصحاب المناصب، والذي لم يقل بالخلق يعزل من فوره! والثانية فيها طلب إرسال سبعة من المحدثين إليه، وتحت التهديد أجابوا مكرهين! وغضب عليهم الإمام أحمد وقال: هم أول من ثلم هذه الثلمة! لأنهم أجابوا، وهم عيون البلد، فاجتُرِء على غيرهم.
وبعد الإجابة تغيرت الطريقة، وبدأت شدة اللهجة تظهر في الرسائل، وأن من لم يجب فعقوبته الحبس، وأمر بإحضار علماء بغداد، وامتحانهم على ذلك، فلم يجب أربعة منهم، وهم: أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، وعبيد الله بن عمر القواريري، والحسن بن حماد، ثم أجاب الأخيران بعد تقية، وأصر أحمد ومحمد على الحق وأن كلام الله غير مخلوق! فحبسا وقيدا وحملا على جملين، وبعث بهما إلى المأمون في طرسوس، وكان الإمام أحمد يسأل الله تعالى أن لا يرى المأمون، وقد بلغه أن المأمون يحد سيفه! فمات المأمون وهما في الطريق إليه سنة ٢١٨ للهجرة، فأعيدا إلى بغداد، وفي الطريق توفي محمد بن نوح في مكان اسمه: عانات. فحل قيده وغسله أحمد وصلى عليه، وذهب بأحمد إلى السجن!
ولما أحس المأمون بدنو أجله كانت وصيته لأخيه المعتصم الخليفة بعده، أن يواصل أمر المحنة وحمل الناس عليها!
ولما تولى المعتصم الخلافة كان على النقيض، فلم يكن من أهل العلم والمعرفة إنما كان رجلًا عسكريًا، مرّت به كلمة الكلأ فلم يعرف معناها لا هو ولا وزراؤه فقال:
لا حول ولا قوة إلا بالله: خليفة أميّ، ووزير عاميّ.
وفي عهد المعتصم ضرب الإمام أحمد بالسياط حتى سقط، فإذا أفاق لُعن وسُب وشُتم، وسُحب على وجهه، وخلعت يداه حيث شدتا في خشبتين حتى انخلعتا! وهو مقيد في كل هذه الأحوال بل إنه كان في صيام.