للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - وسليمان بن الأشعث السجستاني أبو داود، صاحب السنن، المتوفى سنة ٢٧٥ هـ.

[الفرع السادس: محنة الإمام ]

القول بخلق القرآن فتنة عمياء جرّت على الأمة الوبال، حيث كانت ضريبة لإخضاع النص للعقل، لا العقل للنص، والعقل يحركه الهوى، والهوى لا عاصم له! ولما توفي هارون الرشيد سنة ١٩٣ للهجرة، وتولى المأمون الخلافة خرجت هذه الفتنة إلى حيز التطبيق، حتى عظمت واشتد عودها في زمن المعتصم، إلى أن بلغت الواثق بن المعتصم.

لم تكن هذه الفتنة في عهد هارون إلا في مجال الدراسة والمناظرة مع خوف شديد من هارون الرشيد، لذا لم يجرؤ رؤوس الضلال على نشر أفكارهم، فكبتوا مقالاتهم، وكفوا ألسنتهم.

فلما تولى المأمون سابع خلفاء بني العباس وهو تلميذ لأبي الهذيل العلاف المعتزلي، وسعى في نشر الفلسفة، وتوغل الفرس في خلافته، وكانوا له بطانة! فتشبعت نفسه بالاعتزال، وقرب رؤوس الضلال ومنهم: ثمامة بن الأشرس، والجاهل أحمد بن أبي دؤاد، ولم يجرؤ المأمون إذ ذاك على مراغمة الناس لوجود شيخ أهل السنة في زمانه، والذي كان له هيبة ومكانة عند العامة والخاصة: يزيد بن هارون، فلما مات يزيد بن هارون وخرج المأمون إلى طرسوس، وتردت حالته دعاه المشؤوم أحمد بن أبي دؤاد على حمل الناس عليها، وإرغامهم على ذلك! فقبل المأمون وكانت آخر أعماله نعوذ بالله من سوء الختام؛ فكان على هذا الفتنة ثلاثة نفر: أحمد بن أبي دؤاد، النافخ في غير هذه الفتنة، والخادم في بغداد صاحب الشرط إسحاق بن إبراهيم الخزاعي. وتلميذ ثمامة بن الأشرس: عمرو بن بحر بن محبوب البصري الكناني المعتزلي المشهور بالجاحظ.

وكان المأمون يبعث بالرسائل التي يأمر فيها بإحياء هذا المذهب، وهو في طرسوس حتى بلغت خمس رسائل، الأولى فيها دعوة العلماء إلى مراكز

<<  <   >  >>