لهذا الكتاب أهمية عظيمة بين الكتب عامة، وبين الكتب الفقهية خاصة، وبين الكتب الحنبلية بوجه أخص.
وذلك لأن الكتاب يعظم قدره وتكبر فائدته ويسمو شرفه بقدر ما فيه من الهدى والعلم والحكمة والبينات، شأنه شأن العلم، إذ تتفاوت العلوم أهمية بتفاوت شأن المعلوم، فكذلك الكتب لأنها خزانات العلوم، وأنفاس العلماء، وأرواحهم يسكبونها في مدادها.
والفقه أهميته كبيرة ومنزلته عظيمة في الدين، ولذلك كان النبي ﷺ يحث ويحض صحابته الكرام على التفقه والتعلم ويقول:"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة"، ولما للفقه من مكانة كبيرة ومنزلة سامية عظيمة فقد كان النبي ﷺ يدعو بالفقه لمن يحب ويعلم حرصه على العلم، قال ابن عباس ﵁: دخل النبي ﷺ الخلاء، فوضعت وضوء للنبي ﷺ، فلما خرج قال النبي ﷺ"من وضع هذا؟ "، فقيل: ابن عباس، فقال النبي ﷺ:"اللَّهم فقهه في الدين"، وفي رواية:"اللَّهم علمه الكتاب"(١). وللفقه أثر عظيم في بيان محاسن الشريعة، وكلها محاسن، ولذلك أثنى النبي ﷺ على الفقهاء الذين يقتدون بالسنة والتوسط والاعتدال
(١) أخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عبد الله بن عباس، برقم (٢٤٧٧).