للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في قوله: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة" (١).

ثم إن الكتاب بين الكتب الفقهية المذهبية قيم وجليل، وذلك أن التأليف المذهبي يثري المذهب، وينقح أقوال مجتهديه، ويصحح قواعده، ويطرح الشاذ والضعيف، فكلما استمرت حركة التأليف، استمرت حركة التحقيق والتنقيح والتصحيح، وهذا الخلاف المذهبي ليس من اختلاف التضاد وهو الاختلاف المذموم الممنوع، بل هو من الخلاف المحمود المبني على التنوع، المبني على الاجتهاد الدائر بين الأجر والأجرين، قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ (٢)، ويقول النبي : "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (٣)، إذ إن كل إمام نص على أن فتياه ما وافقت الدليل وتابعت السنة، وإن خالف قوله قول رسول الله فالقول ما قال رسول الله .

ثم إن الكتاب بين أشقائه الكتب الأخرى في المذهب الحنبلي جليل القدر، عظيم النفع، إذ حرص مؤلفه على أن يتميز كتابه بمميزات تجعله مرغوبًا مطلوبًا.

وهذه المميزات كثيرة عديدة، وهي:

أولًا: أن المؤلف لخص المذهب وجمع في كتابه الفروع المتناثرة في بوتقة وطاقة واحدة، متناسقة متناسبة مؤتلفة مؤتلقة، جاذبة للمبتدئين وقريبة من المتوسطين وموثقة للمنتهين.

ثانيًا: أنه نقل رأي المتأخرين من محققي المذهب في المسائل والروايات التي اختلف النقل فيها عن الإمام، أو اختلف فيها اجتهاد


(١) أخرجه مسلم، كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (٨٦٩).
(٢) (النحل / ٦٩).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، برقم (٦٩١٩).

<<  <   >  >>