المتقدمين والمتوسطين من الأصحاب، فبذلك صح أن يعتمد هذا الكتاب في حكاية المذهب، كما يعتمد على الروض المربع وكشاف القناع ومنتهى الإرادات والوجيز والغنية والمغني وغيرها من الكتب المعتمدة في حكاية المذهب.
ثالثًا: أن المؤلف اعتمد في كتابه طريقة الجمع بين كتابين، وهو نوع فريد من التأليف، وظاهرة تستحق أن تدرس، ويمعن فيها النظر، حيث حظي المذهب الحنبلي في عصور المتأخرين بالجمع بين الكتب، فمثلًا العلامة أحمد الشويكي، يجمع بين كتابي المقنع لابن قدامة والتنقيح المشبع للمرداوي في كتابه التوضيح، والعلامة العسكري جمع بين المقنع والتنقيح في كتابه التصحيح لكنه لم يتمه، وقيل: إن الشويكي أتم النقص في التوضيح والله أعلم، وجاء ابن النجار الحنبلي فكتب منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات، وجاء عالمنا وجمع بين الروض المربع ونيل المآرب في كتابه العقد المفرد في مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل.
رابعًا: من مزايا هذا الكتاب أنه جمع الفقه كله، من أوله إلى آخره، فلم يكتف بدراسة مسألة أو فصل أو باب أو كتاب، بل جمع كتب الفقه كلها بين دفتي كتابه بأسلوب سهل متجانس قريب، فأصبح مقصدًا للراغبين والمتعلمين.
خامسًا: عناية المؤلف ﵀ بذكر النوادر والغرائب من المسائل، وفي هذا النوع من التأليف عدة فوائد إذا خلا من التكلف والتعمق والتعقيد، وذلك لما فيه من ترويض لعقل الفقيه، وتعويده على السبر والتقسيم والتحليل، ومن ثم تكييف المسألة والحكم عليها، وذكر النوادر والغرائب يبين مدى حرص علماء الدين وحملة الشريعة على استباق الزمان لبيان الأحكام، ووضع الحلول للناس قبل وقوعهم في المشكلات والمعضلات، وبهذا يظهر مدى ملائمة الشريعة لحاجات الناس، وسعتها ومرونتها أعظم من أن يضيق بها الناس، وانظر على سبيل المثال لا الحصر الصفحات التالية:(١٣١/ ١٣٧/ ٥٧٨).