يجب عليكم يا أحبابنا أن تتحاملوا الآلام، ويجب أن تخلقوا الأصدقاء. فقلت له لقد تحملنا طول حياتنا الآلام، ونتحملها دائما، وسنخلق الأصدقاء إن شاء الله.
لقد كانت هذه الوقفة خاطفة لم تشف الغليل مع رسول بريطانيا وصديق العرب. وكانت الجبهة عقدت العزم على لقائه في وفد كبير للتحدث إليه طويلا عن قضية هذه البلاد ومحنتها الخطيرة. ولكنه بادر بالسفر إلى سوريا قبل أن يتم هذا اللقاء. من أجل ذلك نريد أن نلاحقه بهذه الكلمة تسجيلا لتلك المقابلة الخاطفة وشكرا له على تعرضه بخير لقضيتنا مرتين اثنتين إحداهما في مجلس العموم، والثانية في حديث له بجريدة التيمس. وإن كنا قد أرسلنا إليه في كلتا المناسبتين برقية شكر رقيقة، وتذكيرا للجنرال بأن العروبة التي يريد أن يصادقها اليوم إنما هي أمة واحدة متماسكة أشد التماسك تبتدئ حدودها من الأطلنطي حيث وضع ميثاق الحرية، وتنتهي في خليج البصرة، ويوجد عند هذه البداية بلد عربي اسمه مراكش وبعد مراكش مباشرة الجزائر وتونس وليبيا، كل أولئك من خواص العرب يريدون حرية ويريدون استقلالا، كشقيقتهن سوريا ولبنان، ونريد من الجنرال أن يدفع عن نفسه ما قد أشيع من انتصاره للشقيقتين سوريا ولبنان كان مجرد تنفيذ لخطة رسمت له من لندن، قضت بها مصلحة الإمبراطورية فقط، ولم يكن بدافع ذاتي أملاه حب العدل والحرية، وإذا أراد أن يدفع هذه التهمة فليس في الأدلة أقوى وأقطع في دفعها من انتصاره لقضية إفريقيا الشمالية انتصارا قويا سافرا، ونحن لا ننكر بعد ذلك على الجنرال أن يتفانى في خدمة وطنه وعظمة أمته ما دام الشعور الإنساني العام متغلبا عليه، بل نعتقد أنه قادر إذ أراد وأرادت لندن أن تجمع بين الأمرين - لأنه من الإنسانية أن ينتصر هو ودولته لقضية العرب أينما كانت، وفي المقدمة عرب إفريقيا الشمالية المجاهدون، ولأنه من مصلحة بريطانيا نفسها أن تفعل ذلك.