فالعرب اليوم قد استيقظوا فعلا، وتنادوا فيما بينهم: أن حي على التحرر السريع الكامل وتجاوب النداء بينهم جميعا، ولن يعودوا إلى النوم والسكون أبدا فمن مصلحة بريطانيا إذن بالتأكيد أن تصادقهم بإخلاص.
ذلك لأن دنيا اليوم تأبى أن يكون في عالم السياسة وسط بين الصداقة والعداوة وإذا كتب لكم التوفيق وفعلتم ذلك فستجدون في العرب - كما هو العهد بهم دائما - أكثر الناس تقديرا لمصالحكم، وأوفى الناس لصداقتكم، وإذا أراد الجنرال أن يتم ذلك على يده فالفرصة سانحة له هو بالذات ليكرس إذن جهده على إقناع ذوي الشأن في لندن بأن العرب أصبحوا في شعورهم وإيمانهم فعلا أمة واحدة، وأنهم مستعدون لصداقه إنكلترا على شرط حريتهم ووحدتهم وأنهم مستعدون فعلا في الوقت نفسه لبذل كل مجهود في سبيل هذه الحرية وهذه الوحدة.
فإذا تم للجنرال هذا الإقناع، وهو ما يجب أن يكون، أسر ذلك في إذن بعض المسؤولين "أولا" بتسوية قضية فلسطين من غير أي تسويف أو مغالطة "ثانيا" بتسوية قضية إفريقيا الشمالية كما فعلتم في سوريا ولبنان بالضبط، إذ ليس بين البلدين أي فرق ما عدا الفلسفة الاستعمارية التي نريد أن نطرحها في هذه المرة جانبا. ثم أنصح للجنرال، وأنصح له في إلحاح، أن يقدروا شعور العرب نحن سماحة المفتي الأكبر، فإنه اليوم في نظر العرب رمز الجهاد والإخلاص. وأؤكد للجنرال أن هذا الشعور نحو هذا الرجل هو في المغرب أقوى منه في المشرق وأرجو في الختام أن يضع الجنرال هذه الكلمة المتواضعة ضمن أوراقه الكثيرة التي سيعود بها إلى لندن، لنذكره عند الحاجة أن في المغرب عربا كما أن في المشرق عربا وهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وأنهم يريدون جميعا أن يتحدوا وأن يتكتلوا ولن تكون صداقتهم لأحد مستقيمة ومضمونة إلا على هذا الأساس.