مقدمتهم الاشتراكي الشاب الرئيس "جين مولييه" أنهم يعلنون في كل مناسبة، وفي غير مناسبة، وفي معرض المن والوعود الكريمة الديمقراطية، السخية، بأنهم مستعدون لإجراء انتخابات حرة في الجزائر إذا وضع الثوار أسلحتهم، واستسلموا للسلطات الاستعمارية، من غير قيد ولا شرط.
سبحانك ربي، ما أوقح هؤلاء الحكام وما أصغر هذه النفوس التي ترضى موضع سخرية الأطفال، في الجزائر، وفي غير الجزائر، وما أجرأهم على التضليل، وعلى الهذيان.
الواقع أن القارئ العادي، الخالي الذهن، حينما يقرأ أو يستمع إلى تصريحات الحكام الفرنسيين، وإلى نداءاتهم المتكررة، التي يوجهونها إلى الثوار، يظن، بل يعتقد حتما، أن أمنية الجزائريين الكبرى التي قامت من أجلها الثورة، هي إجراء انتخابات حرة فيها، مع أن الحقيقة الخالدة التي يعرفها حكام فرنسا المفترون، قبل أي أحد من الناس، هي أن أبغض شيء إلى الجزائريين عامة، وإلى الثوار بصفة خاصة، هو هذه الانتخابات السافلة التي يعرضها عليهم حكام فرنسا، كهدية ثمينة، وترضية لهم كريمة، والعلة في ثورة الجزائريين على هذه الانتخابات، معروفة فيهم عند الخاص والعام، فهي إلى جانب كونها لم تسلم ولا يمكن أن تسلم مرة واحدة من التزوير الفاضح، فهي قائمة على قواعد استعمارية وقحة، سلبتها كل هيئة الانتخابات، من المعاني الكريمة ويكفي أن يعلم القارئ، أن أكبر هيئة انتخابية في الجزائر هي ما يسمونه المجلس الجزائري وعدد أعضاء هذا المجلس (١٢٠) عضوا لكن نصفهم يمثل ثمانمائة ألفا من المستعمرين الأوروبيتين، والنصف الآخر يمثل أحد عشر مليونا من أبناء الوطن العربي المسلمين.
أما المجالس المحلية، من بلدية ومديرية وغيرها، فهي أسوء من ذلك بكثير، لأن الجزائريين فيها، لا يمثلون أكثر من الثلث. وإذا علمت إلى جانب ذلك، بأن جهاز الإدارة التي تجري الانتخابات في الجزائر، هو كله من المتفرنسين، ابتداء من البواب، والبوليس العادي، إلى أن تصل إلى الحاكم العام، ثم إذا علمت مع ذلك أن أولئك المستعمرين، يملكون أكثر من نصف ثروة الجزائر، يستطيعون أن يشتروا بأموالهم أرفع الذمم.