للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوطنيون يعلمون علم اليقين، أن وجود الثائرين في الجبال، هو حجتهم العظمى في هذا المعترك السياسي، وهم يعلمون أن وقف إطلاق النار، معناه رجوع الفلاحين إلى حقولهم، وتركهم لميادين الثورة.

لكن، مع من تقع المفاوضة؟ إن المسلمين الذين يتصلون بالحكومة من قدماء النواب، أصبحوا لا يمثلون شيئا، وهم يصرحون بذلك علنا.

أما رجال حزب البيان ورجال جمعية العلماء، فهم يعترفون بتفوق رجال الثورة، ولا يعملون أي عمل مستقل. ومن المعروف أن السيد فرحات عباس كان بعيدا في باريس، عندما حل م. جي مولييه بمدينة الجزائر. أما جمعية العلماء ذات الأساس الديني، فقد اعترفت بصفة علنية، أن المفاوض الصالح الوحيد، إنما هو "الثورة" ولقد رفض الكاتب العام لجمعية العلماء، الدعوة التي وجهت إليه بطريق شبيه بالرسمي لمقابلة م. جي مولييه وقال: أنه لا ترجى أبدا أية فائدة من تلك المقابلة.

فنحن اليوم لا نفتش عن "المفاوضين الصالحين" بل أصبحنا نفتش عن مجرد "المفاوضين" فلا نجد إلا رجال الثورة.

وهذا دليل قاطع لا ريب فيه، مهما كان مؤلما، على التأييد المطلق الذي يجده رجال الثورة عند سائر طبقات الشعب، وعلى الاعتقاد بأنهم وحدهم هم الذين يستطيعون أن يضمنوا احترام التعهدات التي تؤخذ للمستقبل.

ثم يقول الكاتب المجيد: إن جبهة التحرير الوطني ممتدة ومتسعة، وأن رجال نظامها الحربي يوالون الاجتماعات مع رجال السياسة. فأما رجال العسكرية فهم معروفون، وأما رجال السياسة فهم يعملون داخل المدن تحت الكتمان. وليس هدا الكتمان بحجة على عدم المفاوضة، فإذا أرادت الحكومة أن تفاوض حقا، فإنها ستجدهم لا محالة.

هذه هي بعض الحقائق الجزائرية المزعجة التي أردت تسجيلها، لكن إذا كانت فرنسا تتهرب من المفاوضة، فإن رجال الجبهة يفرون منها كذلك.

<<  <   >  >>