مشرقة بنور الحرية والسيادة، وأن أرى شبح الظلم الذي طالما خيم على ربوعهما وجر على البشرية الويلات المتكررة، أراه قد حل عنهما غير مأسوف عليه، وإلى غير عودة، ويعلم الله، أنني ما حقدت يوما على أحد، ولو خالفني في الجنس والوطن والدين. وإنما أحقد على ذلك الظلم، الذي ما زال منذ دخل في طاعة الاستعمار الغربي حتى الآن، يفتح على الإنسائية أبوابا من الشقاء، لم ينج منه حتى أبناؤه، فيقطع ما وصل الله بين أفرادها من أسباب الود والتعاون على الخير، ويغرس في نفوسهما - بدل ذلك - الحقد وتنازع البقاء، ثم يسوقهم في كل فترة من الزمن، إلى ميادين الحتف والهلاك، من أجل ذلك كله، تجد من الطبيعي جدا أن يكون كل ما يمت إلى هاذين الرحمين بصلة، محل تحسسي وعنايتي في آن واحد، واليمن هو القطر الوحيد الذي لا يزال يتمتع باستقلال وسيادة كاملتين، لا تشوبهم شائبة من الطلاء الذي يسمونه انتدابا أو وصاية أو حتى معاهدة، وعلى عرشه اليوم صديقي حضرة صاحب الجلالة الإمام أحمد. وقد عرفت من جلالته عن كثب، طائفة من المزايا، تجعلني كثير الأمل والتفاؤل، في صيانة ذلك البلد الغالي، من دسائس الاستعمار ومن الفتن الداخلية، عرفت في جلالته ثلاث خصال، هي كالأركان للرجل المسؤول: الأولى - حذره الشديد من المستعمرين والأغراب. الثانية - الشجاعة - والثالثة - الكرم. فهذه الصفات، ليس من طبيعتها أن تسكن قلبا يحمل حقدا أو يغرق في الانتقام، ثم ينس الحكمة التي من أوتيها، فقد أوتي خيرا كثيرا. من أجل ذلك فإن العفو العام الذي أصدره جلالته، عن المتهمين وغير المتهمين مثلي، وفي ثورة ١٩٤٨ يتمشى جنب إلى جنب، مع تلك الخصال الحميدة التي يتجلى بها، بل يعانق الوحي، ويرضى تعاليم