للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج - لقد أحببت لبنان على اختلاف طوائفهم حبا جما، من قبل أنزل ضيفا على لبنان وأهله. وكنت دائما أضرب الأمثال للناس، حينما أريد أن أحفزهم إلى المعالي، بأهل لبنان في عبقريتهم ونشاطهم، اللذين ملآ الدنيا الجديدة والقديمة نورا وعرفانا، وكنت أضرب بهم المثل في التسامح النادر، أو الديمقراطية الحقة، التي لولاها ما استطاعت أن تتساكن هذه المجموعات، التي لا يكاد يقع عدد مذاهبها وطوائفها تحت حصر، مع أنها تعيش فعلا في جو من الجمال والإخاء والتعاون، كأنهم أبناء عائلة واحدة. كنت أفعل ذلك يوم كنت بعيدا عن لبنان، ولما أقمت فيه، ازددت حبا له واحتراما وقلت: ليس من يرى كمن يسمع. وكان لي من الأصدقاء في أبناء لبنان حينما كنت في مصر، من لا أستطيع أبدا أن أنسى عشرتهم ووفائهم، أذكر من الأحياء الذين تعاونا معهم في خدمة العروبة: خليل بك ثابت، وحبيب بك جاماتي، والأستاذ موريس أرقش، والأستاذ أسعد داغر، وحليم بك أبا عز الدين، وتقي الدين بك الصلح، وغيرهم كثيرين. وأذكر من الأموات المرحوم أنطوان باشا الجميل، والمرحوم خليل بك مطران، وغيرهما ولقد لقيت الشيء الكثير من العطف والاحترام في أهل لبنان، ابتداء من رئيسه الأعلى حضرة صاحب الفخامة الشيخ بشارة الخوري، الذي صادف وصولي إلى لبنان، يوم تجديد ولاية فخامته الثانية. فكانت صدفة كريمة، وفألا حسنا إلى فقيد العروبة، الزعيم الجليل رياض بك الصلح رحمه الله، فلقد كان صديقا وفيا وشهما فذا. وأن خسارة العروبة فيه، لا تقل عن خسارة لبنان، ولم تقل نحوي مروءة جميع الطبقات الأخرى، من رؤساء ومرؤوسين، عن الرئيسين الجليلين، بارك الله في لبنان وأهل لبنان، وجعله على الدوام مصدرا للنور والعرفان ومثالا للتسامح والإخاء.

س - هل كانت إقامتك طول هذه المدة بلبنان؟

<<  <   >  >>