للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن حديث «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» منسوخ بحديث ابن عباس: أن النبي احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.

ودليل النسخ أن الشافعي والبيهقي روياه بإسنادهما الصحيح، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله زَمَانَ الْفَتْحِ، فَرَأَى رَجُلًا يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ».

وقد ثبت في «صحيح البخاري» من حديث ابن عباس، أن النبي احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.

قال الشافعي: وابن عباس إنما صحب النبي محرمًا في حجة الوداع سنة عشرة من الهجرة ولم يصحبه محرمًا قبل ذلك وكان الفتح سنة ثمان بلا شك، فحديث ابن عباس السابق في قصة جعفر «ثم رخص النبي في الحجامة»، ولفظ الترخيص غالب ما يستعمل للترخيص بعد النهي (١).

واعترض على هذا الاستدلال من وجهين:

أما قصة جعفر وفيه: «ثم رخص النبي في الحجامة» فهو لا يصح عن رسول الله (٢).

وأما حديث ابن عباس: اِحْتَجَمَ رَسُول الله وَهُوَ صَائِم. فيرد عليه من وجهين:

الأول: قد ضعفه غير واحد من أهل العلم.


(١) «المجموع» (٦/ ٣٥١).
(٢) أخرجه الدارقطني في «السنن» (٢٢٢٩)، والبيهقي في «الكبرى» (٨٣٨٥) وفي إسناده عبد الله بن المثنى، وخالد بن مخلد، تكلم فيهما غير واحد من الحفاظ. انظر: «تنقيح التعليق» (٣/ ٢٧٦) قال ابن حجر في «الفتح» (٤/ ٢١٠): ورواته كلهم من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر؛ لأن فيه: أن ذلك كان في الفتح، قال ابن عبد الهادي: هذا حديث منكر لا يصلح للاحتجاج به؛ لأنه شاذ الإسناد والمتن.

<<  <   >  >>