للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا أيضًا لهذا القول: بأن صلاة التراويح نافلة مقيدة كالسنن الرواتب وغيرها كصلاة الكسوف، فقد التزم النبي فيها عددًا معينًا من الركعات، لا يجوز الزيادة عليه، فكذا عدد ركعات قيام الليل إنما هو إحدى عشرة ركعة لا يجوز الزيادة.

واعترض على هذا الاستدلال: بأنه لو صح هذا القياس بأنه لا يجوز الزيادة على إحدى عشرة كما لا يجوز الزيادة في صلاة الظهر عن أربع ركعات - فإذا كان يجوز النقصان بالاجماع في صلاة الليل على إحدى عشرة ظهر بطلان هذا القياس.

وقد نقل ابن عبد البر وغيره الإجماع على أن صلاة الليل نافلة مطلقة لا حد فيها.

وقال ابن العربي : ليس لصلاة رمضان ولا لغيرها تعديد، إنما التعديد والتقدير للفرائض، وإنما هو قيام كله إلى طلوع الفجر لمن استطاع على قدر ما تنتهي إليه قدرته.

وقال ابن المنذر : الصَّلَاةُ في كُلِّ وَقْتٍ جَائِزَةٌ إِلَّا وَقْتًا نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَوَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالصَّلَاةُ في سَائِرِ الْأَوْقَاتِ طَلْقٌ مُبَاحٌ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ فِيهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ (١).

الحاصل: أن عدد ركعات الليل لا حد لها، وأنها من النوافل المطلقة بالإجماع.

نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على أن صلاة الليل نافلة مطلقة وغير مقيدة بعدد.

قال أبو عمر ابن عبد البر: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلماءُ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ وَلَا شَيْءَ مُقَدَّرًا في صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَأَنَّهَا نَافِلَةٌ، فَمَنْ شَاءَ أَطَالَ فِيهَا الْقِيَامَ وَقَلَّتْ رَكَعَاتُهُ، وَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ الرُّكُوعَ


(١) «الأوسط» (٥/ ٢٠١).

<<  <   >  >>