الأول: قال ابن القاسم ﵀: قَالَ مَالِكٌ: بَعَثَ إلَيَّ الْأَمِيرُ وَأَرَادَ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ الَّذِي كَانَ يَقُومُهُ النَّاسُ بِالمدِينَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ. قَالَ مَالِكٌ: فَنَهَيْته أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْأَمْرُ الْقَدِيمُ الَّذِي لم تَزَلِ النَّاسُ عَلَيْهِ. اه. قلت: وقد جمع ابن القاسم بين الروايتين فقال: كره مالك أن ينقص الناس من عدد الركوع الذي جرى به العمل في مسجد رسول الله ﷺ وهي تسع وثلاثون ركعة بالوتر، واختار هو لنفسه إحدى عشرة ركعة. أما ابن خزيمة فذكر الصفات التي وردت عن رسول الله ﷺ في قيام الليل وقال: فَجَائِزٌ لِلمرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّ عَدَدٍ أَحَبَّ مِنَ الصَّلَاةِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّاهُنَّ، وَعَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّاهَا، لَا حَظْرَ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. ولم يذكر أنه لا يجيز الزيادة. أما الصنعاني ﵀ فقد علق على قول عمر: «نِعْمَ الْبِدْعَةُ»: فَلَيْسَ فِي الْبِدْعَةِ مَا يُمْدَحُ بَلْ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. فهو يبدع فعل عمر في الكم والكيف، وهذا ظاهر البطلان ولا يحتاج ذلك إلى استدلال. أما ابن العربي فمعنى كلامه: أن صلاة الليل لا حد لها، ولكن من أراد أن يجعل حدًّا محددًا يلتزم به الناس؛ فعليه أن يقتدي برسول الله ﷺ. قال ﵀: ليس لصلاة رمضان ولا لغيرها تعديد، إنما التعديد والتقدير للفرائض، وإنما هو قيام كله إلى طلوع الفجر لمن استطاع على قدر ما تنتهي إليه قدرته. فهل هذا لا يجيز الزيادة؟ من الأدلة أيضًا أن العبرة في صلاة الليل بزمن القيام وليس بعدد الركعات لعموم قوله تعالى ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. أما من استدل بعموم قول عائشة: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً. فاعترض عليه من وجوه: الأول: ما رواه البخاري عن عائشة: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. فدل حديث عائشة هذا على أن النبي ﷺ زاد =