للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْحَاجَاتُ مُتَنَوِّعَةٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَوَّعَ الْوَاجِبُ لِيَصِلَ إلَى الْفَقِيرِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ حَاجَتُهُ، وَيَحْصُلُ شُكْرُ النِّعْمَةِ بِالموَاسَاةِ مِنْ جِنْسِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ، وَلِأَنَّ مُخْرِجَ الْقِيمَةِ قَدْ عَدَلَ عَنْ المنْصُوصِ، فَلم يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ (١).

أما دليلهم من القياس: فكما أن الأضحية عبادة في وقت محدد، ولا تجزئ من غير الأنعام الثمانية، ولا يجزئ دفع قيمة الأضحية للفقراء عن الأضحية، وإن كانت حاجات الفقراء تتنوع مع أنه يوم عيد يحتاج الفقير أن يتزين فيه، وغير ذلك من الضروريات، فإذا كان ذلك لا يجزئه عن الأضحية، فكذا صدقة الفطر فَرَضها رسول الله من الطعام وهي عبادة، فتقاس على الأضحية.

قال النووي (٢): ولا يجوز أخذ القيمة في شيء من الزكاة؛ لأن الحق لله تعالى، وقد علقه على ما نص عليه، فلا يجوز ذلك إلى غيره كالأضحية.

• القول الآخر: القائلون بجواز دفع القيمة (المال) في زكاة الفطر:

قال الثوري وأبو حنيفة: يجوز.

وقد رُوى عن عمر بن عبد العزيز، والحسن، وقد رُوي عن أحمد مثل قولهم فيما عدا الفطرة (٣).

بعض الآثار التي تؤيد هذا القول:

عَنْ قُرَّةَ قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ في صَدَقَةِ الْفِطْرِ: نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ، أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ (٤).


(١) «المغني» (٤/ ٢٩٧).
(٢) «المجموع» (٥/ ٤٢٨).
(٣) «المغني» (٤/ ٢٩٥).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٧٤) قال: حدثنا وكيع عن قرة به، وقرة بن خالد السدوسي ثقة ثبت. قال ابن أبي شيبة «المصنف» (٣/ ١٧٤): حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقْرَأُ على عَدِيٍّ بِالْبَصْرَةِ: يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَعْطِيَّاتِهِمْ، عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ.
ورد أثر عن عمر بن الخطاب أنه كان يأخذ العروض في الصدقة، ولكن فيه مقال، قال ابن أبي شيبة (٣/ ١٨١): حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ؛ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْعُرُوضَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْوَرِقِ وَغَيْرِهَا. وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.

<<  <   >  >>