للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنهم من مجتهدى المذهب، وبقولهم يفتى ويؤخذ، كالرافعى، والنووى، وابن الحداد.

وبلغ من شدة حرصه على العلم وتحقيقه للمذهب أنه قد اطلع على جميع كتب المتقدمين عليه والمحدثين مما لا يقع تحت حصر، بل بلغ به المطاف اطلاعه على ما لم يطلع عليه أشهر أئمة المذهب، وهما: الرافعى، والنووى.

يقول الأسنوى فى مؤلفاتهما -ويمثل بالشرح الكبير للرافعى والروضة للنووى: "إنها قد حوت من الأمور الخفية المخالفة للمذهب" وفيها من القوائل القديمة المشارك، والدسائس الخفية المدارك مما لا يهتدى إليها إلا من يسره اللَّه لذلك، وهيأه لما هنالك. فقطع عنه القواطع والعوائق، ودفع عنه الموانع. وانتصب للفحص، ولازم النظر، وألف السهاد ودوام السهر، وأمعن النظر فى نصوص الشافعى المتفرقة، وتتبع كتب الأصحاب طبقة بعد طبقة، وعمر بمطالعتها عمره، وبمراجعتها دهره، وأكثر التفتيش والتنقيب والتردد إلى الباب بعد الباب" (١).

هذه الأسباب، بزيادات قد تيسرت للإمام الأسنوى، فهو يقول: "وقد تيسر لى -بحمد اللَّه- مع ذلك من مؤلفات الشافعى وأصحابه وخصوصًا الأقدمين منهم ما لم يطرق بالكلية أذن أكثر المكثرين، ولم أعلمه قد اجتمع فى مدينتنا عند أحد العصريين، هذا وهى اليوم أعظم مدن الإسلام، ومجمع العلم وموطن الأعلام، ومحط رحال أولى المحابر والأقلام" (٢). "وقد تيسر لى -بحمد اللَّه تعالى- ما وقف عليه النووى من هذه النصوص بزيادة الإملاء والأمالى، ونهاية الاختصار للمزنى وهو عزيز الوجود" (٣).

وإذا أخذنا نموذجًا لمؤلفاته فى الفقه ورجعنا إلى كتابه المهمات كأحد هذه النماذج، لظهر لنا أنه قد اطلع على جميع الكتب التى ظهرت فى مذهب الشافعى، بنفسه، وكان يقتنى من كل مؤلف، نسخه بمكتبته التى حَوَت نفائس الكتب فى جميع الفنون، حتى أخرج لنا كتابه "المهمات" الذى لا غنى عنه لكل فقيه شافعى.


(١) المرجع السابق: ص ٢، ٣.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المرجع السابق: ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>