[الباب الأول الحركة العلمية فى القرن الثامن الهجرى]
[تمهيد]
سنحاول فى هذا الباب دراسة الحركة العلمية بمصر والشام خلال هذا القرن، وربما ننعطف على القرنين السادس والسابع كلما اقتضى الأمر، وذلك لأن العصر الذى يسبق هذا القرن -وهو ما يطلق عليه عصر الحروب الصليبية- يمثل مرحلة الارتكاز أو حجر الأساس الذى قام عليه فكر القرن الثامن الهجرى، ونال هذه المكانة العلمية الشهيرة.
وقد قصدت بهذه الدراسة أن تكون ممهدة لدراسة الحركة الفقهية فى ذلك العصر.
ولست أقصد إلى تأريخ أنواع العلوم التى عرفها ذلك العصر تأريخًا يتتبع علومًا، وما أضافه علماؤها حينئذ إلى جهود سابقيهم، فذلك ما لا أطيقه بهذه السعة، ولا سبيل إليه فى مجال هذا البحث، وإنما سأضع المعالم الكبرى لعلوم ذلك العصر وأركز البحث على الناحية الفقهية والأصولية، حيث هى مجالنا هنا الآن.
وقد اخترت أن يكون ميدان البحث مصر والشام، لأنهما كانتا تخضعان لسلطة واحدة فى أغلب هذا العصر، وكان العلماء فيهما ينتقلون بين بلاد القطرين معًا.