للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والفرق أن الصلاة مأمور (بها) (١) مضروب على تركها، فكانت مجزئة. بخلاف الحجِّ. وأيضًا فلأن الحجِّ والعمرة يجبان مُرَّة واحدة، فاشترطنا وقوعهما في حال الكمال، بخلاف الصلاة (٢).

[مسألة]

١٦٦ - الصبي الذي لا يميز إذا صار محرمًا بإحرام وليّه عنه، فيجب عليه أن يطوف به ويسعى به أيضًا؛ لإمكان صدورهما من الصبي، ولا يكفي فيهما فعل الولي. وكذلك يرمل به ويحضره عرفات ومزدلفة ومنى، والمواقف كلها. وهذا بخلاف الرمي، فإنه لا يجب على الولي أن يضع الحصاة في كف ثم يأخذ بيده (أي بيد الصبي) (٣) - ويرمي الحصاة، كما قاله الرافعي (٤) وغيره، وإن كان دفع الحصاة بيد الصبي كالطواف به.

وقد يفرق بأن الطواف ونحوه من الأركان، فاحتطنا في الركن أو في صفته. بخلاف الرمي. وأيضًا فلأن رفع يد الصبي قد يكون مضرًّا به. وأيضًا فلا نسلم أنه يصدق على من في يده الحصاة أنه رمى إذا دفع الغير يده، حتى لا يجزئ ذلك في البالغ إذا أمر به. بخلاف المحمول أو الراكب، فإنه يصدق عليه أنه طاف. على أنَّ ابن الرفعة في "الكفاية" (٥) قد جزم بوجوب دفع اليد؛ مع جزمه بأنه لا يجب وضع الحصاة في كلِّه، وهو عجيب.


(١) "د" سقط.
(٢) ويمكن أن نأتي بفرق آخر وهو: أن الصلاة يجزؤها وقوع بعضها في وقت الأداء ويسقط بها الفرض، وكذلك يسقط الفرض بفعلها خارج الوقت قضاءً. أما الحجّ، فلا بد من تمامه في الوقت المحدد له مع توافر صفة الوجوب. وما فعله الصبي من أعمال الحجِّ قبل بلوغه لا يصح عن الواجب بعد البلوغ. فإتمام شعائر حجه بعد البلوغ بناء على ما مضى فعله منها لا يسقط عنه الفرض ولا يتم به الحجّ؛ لأنه قد فعل بعضه في خارج الوقت وبعضه في داخله. وقد اشترطنا لصحة أداء الحجِّ إتمام جميع شعائره في ميقاتها الزماني والمكاني، لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}.
(٣) هذه الزيادة لا توجد فِي "ب"، والظاهر أنَّها سقط.
(٤) انظر: المجموع شرح الرافعي: ٧/ ٤٢٢.
(٥) خ ٢/ ١٣٢. ونص عبارة "الكفاية" نقلًا عن الماوردي: "ويحضره الولي حالة رمي الجمار. قال أبو الطيب وغيره. والمستحب أن يضع الجمار في كفِّه ثم يأخذها منه ويرمي بها. ثم قال ابن الرفعة بعد ذلك: "فعلى الولي أن يضع الحصاة في كفِّه ويرميها في الجمرات".

<<  <  ج: ص:  >  >>