للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدارس العلمية فى مختلف فروع العلم والمعرفة، وتزويدها بمكتبات ضخمة تحوى كنوز المعرفة من كل فن، ونصبوا للتدريس فيها أعظم الفقهاء وأجروا على أساتذتها وطلابها الأرزاق الجارية، وأوقفوا عليها الأوقاف الكبيرة تشجيعًا للعلم والعلماء.

والسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون قد بنى فى سلطنته من الجوامع والمدارس والخوانق الشئ الكثير، ولم أجد مثل حركة ملكه فى العلم، وعدم حركة الأعادى عليه برًا وبحرًا مع طول مدة حكمه (١).

وفى أيام سجن الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون -حينما تولى أخوه صالح الحكم مكانه وسجنه- عكف على الإشتغال بالعلم، وكتب بخطه نسخة من دلائل النبوة للبيهقى إلى يوم الإثنين ٢ من شوال سنة ٧٥٥ هـ - ٢٠ أكتوبر سنة ١٣٥٥ م (٢).

ثانيًا: منزلة العلم والعلماء:

لقد كان للمنزلة التى نالها علماء هذا العصر أثر كبير فى تشجيع طلب العلم وازدهار الحركة العلمية فيه، فقد أصبحت مكانة تتطلع إليها النفوس وتشرئب إليها الأعناق، فكان علماء الدين فى ذلك العصر موضع إجلال وتقدير من الحكام والشعب على حد سواء؛ لأنهم كانوا الواسطة بين الشعب والحكام حتى كان العلماء، وخاصة الفقهاء، كأنهم ملوك غير متوجين. ومن الأمثلة على ذلك:

عز الدين بن عبد السلام -فى مصر- فقد كان فقيهًا ممتازًا مسموع الكلمة شجاعًا قويًا، سليط اللسان حتى على الحكام، ولذلك لقب بسلطان العلماء. وقد جاء إلى القاهرة من الشام فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب فولاه خطابة جامع عمرو، حتى أنه لما مات قال السلطان: "إنى لم أشعر بلذة الملك إلا لما مات العزّ" (٣).


(١) انظر: الحياة العقلية ص: ٧.
(٢) انظر: الخطط ٢/ ٣١٧.
(٣) ظهر الإسلام ٤/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>