للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد رتبة إلى أن يصير من الأمراء، فلا يبلغ هذه الرتبة إلا وقد تهذبت أخلاقه، وكثرت آدابه وامتزج تعظيم الإسلام وأهله بقلبه، ومنهم من يصير فى رتبة فقيه عارف أو أديب شاعر، أو حاسب ماهر (١).

ولهذا، فقد خصص لهم خدام وأكابر من النواب يراقبونهم على كل تصرفاتهم، وبلغ من شدة تأديبهم أنه كان إذا أجنب الواحد منهم يبحث عن سبب جنابته: إن كان من احتلام؛ فينظر فى سراويله هل فيه جنابة أم لا؟ فإن لم يوجد جنابة جاءه الموت من كل مكان.

فلذلك كانوا سادة يدبرون الممالك، وقادة يجاهدون فى سبيل اللَّه، وأهل سياسة يبالغون فى إظهار الجميل (٢)، ويحبون العلم والعلماء.

فكان الحسين بن محمد بن قلاوون الصالحى آخر أولاد المالك الناصر محمد المتوفى سنة ٧٦٤ هـ (١٣٦٢ م) يحب العلماء ويجمعهم عنده ويكرمهم (٣)، وكان المماليك من أكابر الدولة الناصرية يعظمون على بن عبد الكافى السبكى ويقضون بشفاعته الأشغال (٤).

وكان قطلو بك المنصورى من مماليك المنصور الذى ولى الحجوبية سنة ٦٩٨ هـ (١٢٩٨ م) يشارك فى العربية والفقه والحديث والسير (٥). . . وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون الذى تولى السلطنة بعد مقتل أخيه الأشرف يحب العلم والعلماء، فقد حدث، وسمع من ست الوزراء، وابن الشحنة، ووجدت له إجازة بخط البرزالى محمد بن مشرف وعيسى المغازى وجماعة، وخرج له بعض المحدثين جزءًا (٦).

وقد دفعتهم هذه النزعة الدينية إلى حب العلم والعلماء، والتقرب إليهم وبناء


(١) انظر: الخطط للمقريزى ٢/ ٢١٣.
(٢) المرجع السابق: ٢١٤.
(٣) انظر: الطالع السعيد: ١٥٧.
(٤) انظر: الدرر الكامنة ٣/ ١٣٥.
(٥) المرجع السابق ٣٣٧.
(٦) المرجع السابق ٤/ ٢٦١ - ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>