للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[د- مقارنة بين فروق الأسنوى وفروق القرافى]

وبعد ذلك بقى علينا أن نعقد مقارنة خاصة بين الأسنوى ومن سبقه فى فن الفروق، وقد اخترت من السابقين عليه الإمام "القرافى" المالكى. ولعل ذلك يرجع إلى اشتهار القرافى بمعالجته لهذا الفن دون غيره. كما أن هناك فرقًا كبيرًا بينهما من جهة الموضوع.

وإذا عرفنا فيما سبق موضوع "فروق الأسنوى" وأنها بين المسائل الفرعية الفقهية؛ نعرف أن فروق القرافى موضوعها: قواعد الفقه الكلية أصلًا. ولكنها كثيرًا ما تكون بين مسألتين فرعيتين من مسائل الفقه.

يقول القرافى (١): "وجعلت مبادئ المباحث فى القواعد -بذكر الفروق والسؤال عنها- فرعين أو قاعدتين، فإن وقع فى السؤال عن الفرق بين الفرعين فبيانه بذكر قاعدة أو قاعدتين يحصل بهما الفرق، وهما المقصودتان، وذكر الفرق وسيلة لتحصيلهما.

وإن وقع السؤال عن الفرق بين القاعدتين -فالمقصود تحقيقهما، ويكون تحقيقهما بالسؤال عن الفرق بينهما أولى؛ لأن الضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتميز الأشياء".

وعلى هذا فالمقصود الأساسى لمؤلف القرافى هو ذكر الفرق بين القواعد لا ذكر الفرق بين الفروع، وإنما يقع ذلك فيه استطرادًا عند ضرورة توضيح القاعدة وإظهارها.

وفروق القرافى تقع فى ٥٤٨ ثمانية وأربعين وخمسمائة قاعدة، وكلامه فيها مفصل. فهو يذكر القاعدتين ثم يذكر جميع الآراء التى تكلمت عن الفرق بينهما ويناقش ذلك، ثم يأتى بالفرق الذى يرتضيه مع الدليل.

ففى كلامه عن الفرق الأول وهو بين الشهادة والرواية يقول (٢):

". . ابتدأت الفرق بين هاتين القاعدتين لأنى أطلبه نحو ثمانى سنوات فلم أظفر


(١) انظر: كتابه: أنوار البروق فى أنواع الفروق ص ٣.
(٢) المرجع السابق ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>