للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به، وأسأل الفضلاء عن الفرق بينهما، وتحقيق ماهية كل واحدة منهما، فإن كل واحدة منهما خبر -فيقولون: الفرق بينهما أن الشهادة يشترط فيها العدد والذكورية والحرية، بخلاف الرواية، فإنها تصح من الواحد والمرأة والعبد.

فأقول لهم: اشتراط ذلك فيها فرع تصورها وتمييزها عن الرواية، فلو عرفت بأحكامها وآثارها -التى لا تعرف إلا بعد معرفتها- لزم الدور، وإذا وقعت لنا حادثة غير منصوصة من أين لنا أنها شهادة حتى يشترط فيها ذلك، فلعلها من باب الرواية التى لا يشترط فيها ذلك، فالضرورة داعية لتميزها. ولا يشترط فى بعض المسائل الأخرى.

ثم ذكر أن الفرق بينهما بمعرفة حقيقة كلّ منهما على حدة، فيقول (١): "مهما لم تتصور حقيقة الشهادة والرواية وتمييز كل واحدة منهما عن الأخرى لا يعلم اجتماع المتشابهتين منهما فى هذه الفروع، ولا يعلم أى الشبهين أقوى، حتى يرجح مذهب القائل بترجيحها. ولعل أحد القائلين ليس مصيبًا".

وليس فى الفروع إلا إحدى المتشابهتين أو أحد الشبهين، والآخر منفى، أو الشبهان معا منفيان، والقول بتردد هذه الفروع بينهما ليس صوابًا، بل يكون الفرع مخرجًا على قاعدة أخرى غيرها.

وهذا جميعه إنما يتلخص إذا علمت حقيقة كل واحدة منها من حيث هى. ونذكر فيما يأتى نموذخا آخر من فروقه:

الفرق الثالث والثمانون (٢): بين قاعدة الماء المطلق وبين قاعدة الماء المستعمل لا يجوز استعماله أو يكره على الخلاف.

اعلم أن الماء المطلق هو الباقى على أصل خلقته، أو تغير بما هو ضرورى له، كالجارى على الكبريت وغيره مما يلازم الماء فى مقره.

وكان الأصل فى هذا القسم ألا يسمى مطلقًا؛ لأنه تقيد بإضافة عين أخرى إليه، لكنه استغنى للضرورة، فجعل مطلقًا؛ توسعة على المكلف. واختير هذا اللفظ


(١) المرجع السابق ص ٦.
(٢) ٢/ ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>