للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنه لما كان إناء الذهب يصح بيعه قطعًا مع ما فيه من النص على حرمة استعماله للمرء - وذلك بالنظر إلى المنفعة المقصودة منه بتصنيعه حليًا، أو نقودًا أو ما شابه ذلك، أو بالنظر إلى أنه يمكن الإستغناء عنه بدون استعمال فلا تحصل الحرمة فكذلك إذا كانت الآلة من الجوهر النفيس كان الإنتفاع بها ممكنًا بعد كسرها؛ لأن الجوهر النفيس لا تقل قيمته كثيرًا برضه، بخلاف غير الجوهر النفيس، فإنه تقل قيمته عند الرض وقد يتلف (١).

[٤ - الترجيح والاختيار]

بعد أن استعرضنا موقف العلماء وأدلتهم فى هذا الموضوع، بقى علينا أن نبين المذهب الراجح، والذى يمكن أن يؤخذ به ويعتمد عليه فى الإفتاء والقضاء.

وحتى يكون الترجيح والاختيار على أساس علمى، فيحسن بنا أن نبين موقف العلماء من سماع الغناء وآلاته؛ لأن هذا هو المعول عليه فى الأدلة السابقة، فإننا قد لاحظنا أن الأدلة التى اعتمد عليها كل فريق لتعضيد مذهبه إنما تعتمد فى عمومها أو فى أغلب أحوالها على إباحة الغناء وسماعه، أو عدم إباحته، فنقول:

لقد تكلم العلماء فى الغناء من جهة التحريم والإباحة، واختلفت أقوالهم، وتباعدت مذاهبهم، وتباينت استدلالاتهم.

فمنهم من رأى كراهته وأنكر استماعه وحرمه.

ومنهم من رأى خلاف ذلك مطلقًا، فأباحه وصمم على إباحته، ومنهم من فرّق بين أن يكون الغناء مجردًا أو أضيف إليه آلة كالعود والطنبور وغيرها من الآلات ذوات الأوتار، والدفوف والمعازف والقضيب، فأباحه على انفراد، وكرهه إذا انضاف إلى غيره، وحرم سماع الآلات مطلقًا (٢).


(١) انظر: مطالع الدقائق، باب البيع، والروضة: ٣/ ٣٥٢.
(٢) السماع: نقلا عن النويرى صاحب نهاية الأرب: ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>