للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما مذاهب الأئمة الأربعة فإنا نلخصها مما ذكره الإمام القرطبى فى تفسيره (١)، والغزالى فى "الإحياء" نقلًا عن أبى الطيب الطبرى فنقول:

١ - وأما مالك بن أنس: فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه، فإذا اشترى جارية ووجدها مغنية كان له ردها، وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعيد، فإنه كان لا يرى به بأسًا.

وقال ابن خوير منداد: فأمّا مالك فيقال عنه إنه كان عالمًا بالصناعة، وكان مذهبه تحريمها، روى عنه أنه قال: تعلمت هذه الصناعة وأنا غلام شاب، فقالت لى أمى: أى بنى إن هذه الصناعة يصلح لها من كان صبيح الوجه ولست كذلك، فاطلب العلوم الدينية، فصحبت ربيعة، فجعل اللَّه ذلك خيرًا (٢).

٢ - وأما الشافعى: فالغناء عنده مكروه يشبه الباطل، فقد روى عنه أنه قال: "الغناء مكروه يشبه الباطل، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد به شهادته" (٣).

٣ - وأما مذهب أحمد بن حنبل، فقد ذكرت عنه ثلاث روايات (٤).

٤ - وأما مذهب أبى حنيفة فإنه كان يكره الغناء مع إباحته شرب النبيذ غير المسكر، ويجعل سماع الغناء من الذنوب. وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة، ولا يعرف بين أهل البصرة خلاف فى كراهية ذلك، إلا ما روى عن عبد اللَّه بن الحسن العنبرى أنه كان لا يرى به بأسًا (٥).

هذا هو موقف العلماء والفقهاء من سماع الغناء وآلاته.

ولكن يلاحظ من تتبع الأدلة والآثار التى وردت فى هذا الموضوع أن الراجح هو إباحة الغناء وسماعه، بل وسماع آلاته، وأن المتقدمين كانوا أكثر الناس تسامحًا وأبعد عن التزمت فى سماع الغناء، وكذلك كان الصوفية. وقد صح أن بعض


(١) ١٤/ ٥٥، ٥٦.
(٢) المرجع السابق: ١٩، والإحياء للغزالى: ٦/ ١١٢١ طبعة الشعب.
(٣) المرجع السابق.
(٤) انظر: القرطبى: ١٤/ ٥٦.
(٥) المرجع السابق، والسماع: ١٥ والإحياء: ٦/ ١١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>