للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جوانبها وأدلتها، ثم يذكر الفرق. وقد يستطرد من مسألة إلى أخرى، والنسخة التى اطلعت عليها -مع أنها ناقصة من أولها- تقع فى ٢٣١ ورقة من الحجم الكبير، وتنتهى بجزء من الكلام على الرهن. وإليك نموذجًا مما جاء فيه:

مسألة (١): نص الشافعى -رضى اللَّه عنه- فى رواية الربيع على أن المسافر إذا تيمم وصلى، ثم وجد بئرًا ومعها الدلو والرشا -فليس عليه قضاء تلك الصلاة، ونص فى رواية المزنى- والربيع على أن المتيمم إذا فرغ من الصلاة فى السفر، ثم تذكر الماء فى رحله - كان عليه قضاء الصلاة. وفى مسألة البئر رواية أخرى عن الشافعى -رضى اللَّه عنه- رواها حرملة خلاف رواية الربيع، حتى أنه ادعى بعض أصحابه قولين فى مسألة البئر وادعى بعضهم حالين. ولم يختلف المذهب فى النَّاسى أن القضاء واجب عليه.

والفرق بينهما أن الناسى منسوب إلى التفريط الظاهر والتقصير الفاحش، ووجه تفريطه أنه قد كلّف الطلب قبل التيمم، وإذا أراد الاشتغال بالطلب فعليه تأمل رحله وتفتيشه والطلب من رفقته وفى طريقه، فإذا تذكر بعد الصلاة أن الماء فى رحلة ظهر تقصيره فى طلبه، وربما تكون الإداوة المشتملة على الماء فى عنقه. وأما آبار الوادى فغير محصورة، وربما يجهد فى الطلب ولا يعثر على البئر منها إلا بسابق علم، فلا يكاد ينسب إلى التفريط، حتى أنه إن تحققت له صفة التفريط ألزمناه أيضًا القضاء، مثل أن يكون له علم سابق بها وبمكانها وبالمرحلة التى فيها، فإذا نسيها لم يعذر وقد علمها، ولو تصور فى الرجل انتفاء التفريط يسقط عنه القضاء، وربما يتصور أن يعلم الرجل خلو رحله ومزاده عن الماء، ولم يعلم أن صديقًا له دس فى رحله ماء هدية ومبرة. فلا يلزمه القضاء فى مثل هذه الحالة.

ثم جاء من بعده: أبو الخير لسلامة بن إسماعيل بن جماعة المقدسى الشافعى، المتوفى سنة ٤٨٠ هـ - ١٠٨٧ م، وألف فى ذلك كتابه "الوسائل فى فروق المسائل" وهو كتاب جليل، عزيز الوجود - على ما قاله الأسنوى (٢) - لم أطلع عليه.

ثم جاء القاضى: أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد الجرجانى الشافعى،


(١) الجمع والفرق مخطوط ص ٤ نسخة دار الكتب المصرية.
(٢) راجع مقدمة الطالع للأسنوى، وطبقات السبكى ٢/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>