المجنون ونحوه، وضمان الجزاء فى قتل الصيد المحرم أو من الحلال فى الحرم، وقطع أشجار الحرم منها، ووجوب الفدية على المحرم فى إزالة الشعر أو الظفر إذا وقع ذلك من ناس، وضمان الدية فى قتل النفس أو قطع الطرف أو إزالة المعانى إذا وقع ذلك خطأ، أو شبه عمد مع عدم نية القتل أو القطع، ونحو ذلك مما هو مذكور فى أبواب الفقه -لا يتنافى مع ذلك؛ لأن اعتبار الشارع ذلك ليس من باب التكليف، بل من باب خطاب الوضع، فهو لاغ تكليفًا وإن كان غير لاغ فى باب خطاب الوضع، فهو من باب ربط الأحكام بالأسباب (١).
وعلى الجملة يمكن أن نستخلص مما سبق أن النية لازمة لكل فعل عبادة أو عادة، إلا أن هذه النية الشرعية التى هى إرادة الفعل وتوجيه النفس إليه الشاملة للعزم والقصد تحقيقًا -لا تكفى فى العادة التى تفتقر صحتها إلى المقارنة، بل لا بد فيها من القصد تحقيقًا الذى هو أحد فرعى النية، وهو الإرادة المتعلقة بالفعل الحالى. فالنية المعتبرة فيه هى القصد تحقيقًا وهو المراد بالنية عند عدها من أركان العبادة كالوضوء، والغسل، والتيمم، والصلاة، والزكاة، والحج.
وأما الصيام فالمراد بالنية فيه: العزم الذى هو الفرد الآخر للنية التى هى الإرادة الكلية؛ لأنه هو والذى يتأتى فيه، ومثل الصلاة وأخواتها فيما ذكر كنايات العقود، والحلول، فلا بد فيها من القصد تحقيقًا الذى هو النية المقارنة للفظ الكنائى أو الكتابة أو إشارة الأخرس التى يفهمها الفطن، وكذا الاستثناء فى الأقارير، والطلاق، والتعليق بإن شاء اللَّه فى الطلاق، فلابد من النية بمعنى القصد تحقيقًا قبل الفراغ من المستثنى فيه.