للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم إن فعل النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فى صفة التيمم دليل على ذلك، وكذا ما نقل عن فعل الصحابة، فلم ينقل عن أحد منهم أنه قال بعدم التعميم أو أفتى به، أو فعله، وما دمنا ملتزمين بوجوب العمل بمقتضى الدليل عند صحته فيجب المصير إليه. ولا يخالف فى ذلك إلا عند عدم الدليل أو التعارض، وحيث إنه قد وجد الدليل ولم يوجد نص معارض فيجب العمل بما قاله الجمهور، وهو وجوب الاستيعاب.

أما الرد على شبه المخالفين: فإننا نرد على الظاهرية قولهم بالقياس لأنهم لا يؤمنون به؛ لأن القياس كله عندهم باطل. أما ادعاؤهم الإجماع على ما ذهبوا إليه، فيرد هذه الشبهة عليهم بما سبق أن أثبتناه من خلاف الجمهور.

على أنهم قد نقضوا مذهبهم حينما اعترضوا على الجمهور بمسح الخف والرأس والعمامة والحجر، وقالوا: فكذلك يكون الأمر فى التيمم. وهو عين القياس ومع أنهم لا يعملون به. ومع ذلك فإننى أقول بأنه لا يصح الاعتراض بذلك أصلًا، لأن لكل فعل دليلًا خاصًا به لا يقاس على غيره إلا عند انعدام هذا الدليل الخاص، أما والأمر هنا بخلاف ذلك لأن الدليل الخاص قد وجد هنا وهو الآية وفعل النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- الذى فعله للتشريع، ولم ينقل عنه أنه فعله على التبعيض، وإذا كان المسح فى اللغة لا يقتضى الاستيعاب كما يدعى فإن المسح الشرعى قد خصص هذا المعنى اللغوى.

أما الرد على ما أثاره الشيعة الإمامية من أنه "لابد من فائدة لذكر الباء، وإلا كان ذكرها عبثًا، ولا فائدة بعد ارتفاع التعبدية به إلا التبعيض. فتقرر بأن الجمهور قد ذكر أن الإتيان بها لفائدة التأكيد. فلا شبهة لهم.

وأما الرد على ما أثاروه أيضًا من أن "الأمر فى التيمم يختلف عن الوضوء؛ لأن التيمم طهارة تخفيف، ولذلك كان الوضوء فى أربعة والتيمم فى عضوين".

فإننا نرد على هذا بأن مقتضى الاستيعاب لا يدل مطلقًا على التشديد، ولا يعدو الأمر أن يكون ضربة باليدين ومرورهما على الوجه واليدين فيتحقق الاستيعاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>