للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لم يتسحر. وبين من يتناول بالليل شيئا، وبين من لم يتناول لعجز أو مرض، ولهذا قال الطبرى شارح "التنبيه" (١): لو تغير فمه بعد الزوال لسبب آخر، كنوم أو غيره، لم يكره السواك.

وقيل: لا يكره السواك للصائم إلّا بعد العصر - حكاه الطبرى المذكور. وقيل: لا يكره مطلقًا. حكاه فى الروضة هنا، واختاره فى شرح "المهذب". وقيل: لا يكره فى النفل؛ خوفا من الرياء، ويكره فى الفرض. حكاه الرافعى فى كتاب الصيام عن القاضى الحسين (٢). وستعرف فى كتاب الجنائز أن إزالة دم الشهيد حرام بالشروط المذكورة هناك، وحكمته ما أشار إليه النبى (صلى اللَّه عليه وسلم) "أنهم يأتون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دمًا، اللون لون الدم والريح ريح المسك" (٣).

وحينئذ فيقال: ما الفرق بين التحريم هناك -مع كون رائحته كرائحة المسك- وكراهته هنا، مع أنها أطيب منه، أى: من ريح المسك.

ولعل الفرق: تأكُّد ذلك الباب، واستعظام أمره، لما فيه من تعريض النفوس للقتل بسبب إعزاز الدين، فتحريم إزالة أثره تنبيهًا على عظم قدره ليكون بقاؤه حاملًا على استحضار حقيقته لمن جهلها أو ذهل عنها (٤).


(١) هو: أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن أبى بكر الطبرى المكى الشافعى، أبو العباس، شيخ الحرم، محدث فقيه. من تصانيفه: الرياض النضرة، وشرح التنبيه للشيرازى فى عشرة أسفار كبار، وغير ذلك. توفى بمكة فى جمادى الآخرة سنة ٦٩٤ هـ. والطبرى نسبة إلى طبرستان، وهو إقليم مجاور لخراسان. وراجع معجم المؤلفين: ١/ ١٩٨، وشذرات الذهب: ٥/ ٤٢٥، وتذكرة الحفاظ: ٤/ ٢٥٥.
(٢) هو: الحسين بن محمد بن أحمد المروزى. المعروف بالقاضى الحسين، فقيه أصولى، من تصانيفه: تلخيص التهذيب للبغوى، وسماه "لباب التهذيب"، وشرح فروع ابن الحداد، وأسرار الفقه، والتعليق الكبير، والفتاوى، وغير ذلك. توفى بعد صلاة العشاء ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من المحرم سنة ٤٦٢ هـ - ١٠٧٠ م. وراجع طبقات الأسنوى: خ ١/ ٦٦، وطبقات السبكى: ٤/ ٣٥٦، ومعجم المؤلفين: ٤/ ٤٥.
(٣) هذا جزء من حديث أخرجه البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة، أن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه وسلم) قال: "والذى نفسى بيده لا يكلم أحد فى سبيل اللَّه -واللَّه أعلم بمن يكلم فى سبيله- إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك" وانظر البخارى ١٢/ ١٠٧.
(٤) جاء بهامش النسخة "ب" الفرق بآمر آخر، وهو: أن إزالة دم الشهيد لما كانت إزالة فضيلة من الغير للغير حرم على الغير. وبذلك فارق السواك، ويؤخذ منه أن الشخص لو سوّك غيره حرم عليه، وهو كذلك فى "أ"، "هـ". وهو فرق حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>