للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موصولة تتعاقب، منذ أسسها جوهر الصقلى، فما وقع حادث فيها وانتشر خبره إلى الدنيا إلّا كان له أثره فيها، كما أن للقاهرة أيضًا أثرها الكبير فى العالم العربى، بل فى الإسلامى قاطبة فى شئون السياسة والعلوم والفنون. . وقد أنجبت القاهرة جماعات لا يحصى عددها من الفقهاء، والعلماء، والساسة، والأدباء تذكرهم حتى اليوم أعمالهم الخالدة.

ومن المظاهر العلمية العامة لهذا العصر الذى نتحدث عنه تخصيص سوق كبير للكتب فى مصر ودمشق، وكان موضعه بمصر فى الجانب الشرقى من جامع عمرو. ومما يدل على ضخامة ما بسوق دمشق من الكتب أن حريقًا شب فيها سنة ٦٨١ هـ (١٢٨٢ م) فأحرق لشمس الدين إبراهيم الجزرى خمسة عشر ألف مجلد سوى الكراريس (١).

ولقد كان من أبرز مظاهر النشاط الفكرى لهذا العصر هو مشاركة النساء فى هذه الحركة العلمية بجهد مشكور، فوجدنا من أكابر العلماء والفقهاء من يأخذ، وينقل، ويحدث عنهن. من أمثال زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، المعروفة ببنت الكمال، المتوفاة سنة ٧٤٠ هـ (١٣٣٩ م). فقد جاء فى الدرر: "أنها تفردت بقدر وقر بعير من الأجزاء بالإجازة، وروت الكثير، وتزاحم عليها الطلبة، وقرءوا عليها الكتب الكبار، ولم تتزوج قط" (٢).

وقد أورد لنا "صاحب الدرر الكامنة - من أعيان المائة الثامنة" اثنتين وخمسين امرأة من أبرز من كن لهن نشاط كبير من النسوة فى الحركة العلمية لهذا القرن. . وأنه وإن كان الغالب أن نشاطهن قد اتجه نحو الاشتغال بعلم الحديث، فهو على كل حال ظاهرة مهمة من مظاهر ازدهار الحياة العقلية ورقيها لهذا القرن، ودليل كبير على قوة ونشاط الحركة العلمية فيه.

* * *


(١) نهاية الأرب: ٢٩/ ١٢٨.
(٢) الدرر ٢/ ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>