قولُه رَحِمَهُ اللهُ:[وقد رأتْ جُنْدَ سُلَيْمَان]، فهَذَا واضحٌ، اللهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا رأته أو أَحَسَّته، قد يَكُون إحساسًا بدون نظرٍ، وقد يَكُون نظرًا، إِنَّمَا عَلَى كُلّ حال هِيَ أدركتْ قُرْبَه ووصول سُلَيْمَان بجنوده إليهم.
وقوله تَعَالَى:{قَالَتْ نَمْلَةٌ}: {نَمْلَةٌ} مُنَكَّر، وظاهر كلام المفسِّر أَنَّهَا مُعَرَّفَة؛ لِأَنَّهُ قَالَ:[ملكة النمل]، وهَذَا يقتضي أن يَكُون التعبير:(قالت النَّمْلةُ) يعني النَّمْلة المعهودة وهي الملِكة، ولمَّا لم يكنِ التعبيرُ بِقَوْلِهِ:(قالت النَّمْلة) دلَّ عَلَى أن القائِلَ لا يَتَعَيَّنُ أن يَكُونَ مَلِكَة النملِ، وإنما هِيَ نملةٌ منَ النملِ، وهَذَا لَيْسَ بغريب فَإِنَّهُ كما لو أقبل جُنْدٌ عَلَى طائفةٍ منَ النَّاس ورآه واحدٌ منهم فيَصيح بهم، ولا يَلْزَمُ أن يَكُون هَذَا الصائحُ هُوَ الأميرَ أو الملِكَ، ولهَذَا الصَّحيح إبقاء الْقُرْآن عَلَى ظاهرِهِ، وأنها نملة من هَذَا النملِ، ولا يلزم أن تكونَ الملكةَ؛ لِأَنَّ في مثل هَذِهِ الأحوال أَيُّ واحدٍ يشعرُ من الطائفةِ الموجودةِ بالخوفِ يَصيح به ويُنْذِر، أنا النذيرُ العُريانُ.
إِذَنِ: الصَّواب أن نَقُول: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} من النملِ، ولا نُعَيِّنُها بأنها الملكة.
قوله رَحِمَهُ اللهُ:[وقد رأتْ جُنْد سُلَيْمَان]، هل يَتَعَيَّن الإدراك بالرؤيةِ أو يجوز أيضًا بالإحساسِ والسمعِ؟