للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير موجودةٍ فِي الْقُرْآن: [{نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ} بها]، وَعَلَى هَذَا فالتَّقْدير السليمُ أن يقولَ: (أنعمتها عليَّ وَعَلَى والديّ)؛ لِأَنَّهُ لا يمكن أن يُحذَف العائد المجرور إِلَّا إذا كَانَ الموصول مجروراً بحرفِ الجرِّ الَّذِي جُرَّ به ذلك العائدُ.

وقوله: {عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} أَمَّا {عَلَيَّ} فظاهرٌ أنَّ نعمةَ اللهِ عليك تحتاجُ إِلَى شكرٍ منك، لكِن نعمة الله عَلَى والديك ما وجهُ كَونها تحتاج إِلَى شكرٍ منك؟

لِأَنَّ نعمةَ الله عَلَى الوالدينِ نعمةٌ عَلَى الولدِ، لا سيَّما فِي مثل هَذِهِ القصةِ حَيْثُ إِنَّهُ ورِث من داودَ النبوَّة وخَلَفَهُ فيها، فنعمة الله عَلَى والديك هِيَ فِي الحقيقة نعمةٌ عليك، ولهَذَا قَالَ: {عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}.

وقوله: {وَالِدَيَّ} هل هُوَ جمعٌ أو مُثَنًّى؟

مُثَنًّى مضاف، ولذلك حُذِفَتِ النونُ منه، وأصله: (والدينِ لي) لكِن حُذِفَتِ النونُ من أجلِ الإضافةِ.

وقوله: {وَالِدَيَّ} مَنْ المُراد بالوالد؟ هُوَ الوالدُ الَّذِي أنتَ وَلَدُه لِصُلْبِه أو حَتَّى الجدّ ومَنْ عَلَا؟

نَقُول: الحقيقةُ أنَّ كَلِمة (والد) أحيانًا يدخلُ فيها الجدُّ وإنْ علا، وأحيانًا تَتَعَيَّن للوالِدِ الأَدْنَى، وَالَّذِي يُعَيِّنُ ذلك هُوَ القرائنُ: القرائن اللفظيَّة أو القرائن الحالِيَّة، فمثلًا: " لَا يَجُوزُ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجعَ فِيمَا وَهَبَهُ إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ" (١). مَنِ المُرادُ


(١) رواه أبو داود، كتاب الإجارة، باب الرجوع في الهبة، حديث رقم (٣٥٣٩)؛ والنسائي، كتاب الهبة، باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده، حديث رقم (٣٦٩٠)؛ والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في الرجوع في الهبة، حديث رقم (١٢٩٨)؛ وابن ماجه، كتاب الهبات، باب من أعطى ولده ثم رجع فيه، حديث رقم (٢٣٧٧)؛ وأحمد (٢/ ٢٧) (٤٨١٠)، عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>